بَيَان مِقْدَار الْمُقدر
يَبْغِي تقليله مَا أمكن لنقل مُخَالفَة الأَصْل
وَلذَلِك كَانَ تَقْدِير الْأَخْفَش فِي ضربي زيدا قَائِما ضربه قَائِما أولى من تَقْدِير بَاقِي الْبَصرِيين حَاصِل إِذا كَانَ أَو إِذا كَانَ قَائِما لِأَنَّهُ قدر اثْنَيْنِ وقدروا خَمْسَة وَلِأَن التَّقْدِير من اللَّفْظ أولى
وَكَانَ تَقْدِيره فِي أَنْت مني فرسخان بعْدك مني فرسخان أولى من تَقْدِير الْفَارِسِي أَنْت مني ذُو مَسَافَة فرسخين لِأَنَّهُ قدر مُضَافا لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى تَقْدِير شَيْء آخر يتَعَلَّق بِهِ الظّرْف والفارسي قدر شَيْئَيْنِ يحْتَاج مَعَهُمَا إِلَى تَقْدِير ثَالِث
وَضعف قَول بَعضهم فِي {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل} إِن التَّقْدِير حب عبَادَة الْعجل وَالْأول تَقْدِير الْحبّ فَقَط
وَضعف قَول الْفَارِسِي وَمن وَافقه فِي {واللائي يئسن} الْآيَة إِن الأَصْل واللائي لم يحضن فعدتهن ثَلَاثَة أشهر وَالْأولَى أَن يكون الأَصْل واللائي لم يحضن كَذَلِك
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يقدر فِي نَحْو زيد صنع بِعَمْرو جميلا وبخالد سوءا وَبكر أَي كَذَلِك وَلَا يقدر عين الْمَذْكُور تقليلا للمحذوف وَلِأَن الأَصْل فِي الْخَبَر الْإِفْرَاد وَلِأَنَّهُ لَو صرح بالْخبر لم يحسن إِعَادَة ذَلِك الْمُتَقَدّم لثقل التّكْرَار
وَلَك أَلا تقدر فِي الْآيَة شَيْئا الْبَتَّةَ وَذَلِكَ بِأَن تجْعَل الْمَوْصُول مَعْطُوفًا على الْمَوْصُول فَيكون الْخَبَر الْمَذْكُور لَهما مَعًا وَكَذَا تصنع فِي نَحْو زيد فِي الدَّار وَعَمْرو وَلَا يتأتي ذَلِك فِي الْمِثَال السَّابِق لِأَن إِفْرَاد عَامل الْفِعْل يأباه نعم لَك