السَّادِس قَول كثير من النَّحْوِيين فِي قَوْله تَعَالَى {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك} إِنَّه دَلِيل على جَوَاز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر من الْأَقَل وَالصَّوَاب أَن المُرَاد بالعباد المخلصون لَا عُمُوم المملوكين وَأَن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع بِدَلِيل سُقُوطه فِي آيَة سُبْحَانَ {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان وَكفى بِرَبِّك وَكيلا} وَنَظِير الْمِثَال الْآتِي
السَّابِع قَول الزَّمَخْشَرِيّ فِي {وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك} إِن من نصب قدر الِاسْتِثْنَاء من {فَأسر بأهلك} وَمن رفع قدره من {وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد} وَيرد باستلزامه تنَاقض الْقِرَاءَتَيْن فَإِن الْمَرْأَة تكون مسرى بهَا على قِرَاءَة الرّفْع وَغير مسرى بهَا على قِرَاءَة النصب وَفِيه نظر لِأَن إخْرَاجهَا من جملَة النَّهْي لَا يدل على أَنَّهَا مسرى بهَا بل على أَنَّهَا مَعَهم وَقد رُوِيَ أَنَّهَا تبعتهم وَأَنَّهَا التفتت فرأت الْعَذَاب فصاحت فأصابها حجر فَقَتلهَا وَبعد فَقَوْل الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْآيَة خلاف الظَّاهِر وَقد سبقه غَيره اليه وَالَّذِي حملهمْ على ذَلِك أَن النصب قِرَاءَة الْأَكْثَرين فَإِذا قدر الِاسْتِثْنَاء من أحد كَانَت قراءتهم على الْوَجْه الْمَرْجُوح وَقد الْتزم بَعضهم جَوَاز مَجِيء قِرَاءَة الْأَكْثَر على ذَلِك مستدلا بقوله تَعَالَى {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} فَإِن النصب فِيهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ على حد قَوْلهم زيدا ضَربته وَلم ير خوف إلباس الْمُفَسّر بِالصّفةِ مرجحا كَمَا رَآهُ بعض الْمُتَأَخِّرين وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يرى فِي نَحْو خفت بِالْكَسْرِ وطلت بِالضَّمِّ أَنه مُحْتَمل لفعلي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَلَا خلاف أَن نَحْو تضار مُحْتَمل لَهما