قَالَ ابْن عَبَّاس وَغَيره لَو قَالُوا نعم لكفروا وَوَجهه أَن نعم تَصْدِيق للمخبر بِنَفْي أَو إِيجَاب وَلذَلِك قَالَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء لَو قَالَ أَلَيْسَ لي عَلَيْك ألف فَقَالَ بلَى لَزِمته وَلَو قَالَ نعم لم تلْزمهُ وَقَالَ آخَرُونَ تلْزمهُ فيهمَا وجروا فِي ذَلِك على مُقْتَضى الْعرف لَا اللُّغَة وَنَازع السُّهيْلي وَغَيره فِي المحكي عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره فِي الْآيَة مستمسكين بِأَن الِاسْتِفْهَام التقريري خبر مُوجب وَلذَلِك امْتنع سِيبَوَيْهٍ من جعل أم مُتَّصِلَة فِي قَوْله تَعَالَى {أَفلا تبصرون أم أَنا خير} لِأَنَّهَا لَا تقع بعد الْإِيجَاب وَإِذا ثَبت أَنه إِيجَاب فَنعم بعد الْإِيجَاب تَصْدِيق لَهُ انْتهى
وَيشكل عَلَيْهِم أَن بلَى لايجاب بهَا الْإِيجَاب وَذَلِكَ مُتَّفق عَلَيْهِ وَلَكِن وَقع فِي كتب الحَدِيث مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا يُجَاب بهَا الِاسْتِفْهَام الْمُجَرّد فَفِي صَحِيح البُخَارِيّ فِي كتاب الْإِيمَان أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ لأَصْحَابه أَتَرْضَوْنَ أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة قَالُوا بلَى وَفِي صَحِيح مُسلم فِي كتاب الْهِبَة أَيَسُرُّك أَن يَكُونُوا لَك فِي الْبر سَوَاء قَالَ بلَى قَالَ فَلَا إِذن وَفِيه أَيْضا أَنه قَالَ أَنْت الَّذِي لقيتني بِمَكَّة فَقَالَ لَهُ الْمُجيب بلَى وَلَيْسَ لهَؤُلَاء أَن يحتجوا بذلك لِأَنَّهُ قَلِيل فَلَا يتَخَرَّج عَلَيْهِ التَّنْزِيل
وَاعْلَم أَن تَسْمِيَة الِاسْتِفْهَام فِي الْآيَة تقريرا عبارَة جمَاعَة ومرادهم أَنه تَقْرِير