صاحب نحو وعربية، وطلب الحديث والفقه، وولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر ابن مالك، ولم يزل معه ومع ولده، وقدم بغداد فقرأ بها غريب الحديث، وصنف كتبًا، وسمع الناس منه، وحج فتوفى بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين. وقال أبو سعيد بن يونس: القاسم بن سلام يكنى أبا عبيد، صاحب المصنفات، مروزى سكن بغداد، قدم مصر مع يحيى بن معين سنة ثلاث عشرة ومائتين، وكتب بمصر وحكى عنه، وكانت وفاته بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين. وقال الحسن بن سفيان: سمعنا إسحاق بن راهويه يقول: أبو عبيد أوسعنا علمًا، وأكثرنا أداء، وأجمعنا جمعًا، إنا نحتاج إلى أبى عبيد وأبو عبيد لا يحتاج إلينا.

وقال عباس بن محمد الدورى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ. وعن يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو داود: ثقة مأمون. وقال الدارقطنى: إمام، ثقة، جبل، وسلام والده رومى. وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: كتب إلىَّ كتاب غريب الحديث الذى ألفه أبو عبيد أولاً، ويقال: وليس له كتاب مثل غريب المصنف، واضعف كتبه كتاب الأموال، وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابًا فى القرآن، والفقه، وغريب الحديث، والغريب المصنف، والأمثال، ومعانى القرآن، ومعانى الشعر، وغير ذلك. قلت: ولأبى جعفر الطحاوى كتاب الرد على أبى عبيد فيما أخطأ فيه فى كتاب النسب، كما ذكرنا فى ترجمته، ويقال: قد سبق إلى جميع مصنفاته، فمن ذلك الغريب المصنف، وهو من أجل كتبه فى اللغة، فإنه اقتدى فيه كتاب النضر بن شميل المازنى الذى نسميه كتاب الصفات، وبدأ فيه بخلق الإنسان، ثم بخلق الفرس، ثم بالأبال، فذكر صنفًا بعد صنف، حتى أتى على جميع ذلك، وهو أكبر من كتاب أبى عبيد وأجود، ومنها كتاب الأمثال، وقد سبقه إلى ذلك جميع البصريين والكوفيين الأصمعى، وأبو زيد، وأبو عبيدة، والنضر بن شميل، والمفضل الضبى، وابن الأعرابى، إلا أنه جمع روايتهم فى كتابه فبوبه أبوابًا وأحسن تأليفه.

وكتاب غريب الحديث أول من عمله أبو عبيدة معمر بن المثنى، وقطرب، والأخفش، والنضر بن شميل، ولم يأتوا بالأسانيد، وعمل أبو عدنان النحوى البصرى كتابًا فى غريب الحديث، وذكر فيه الأسانيد، وصنفه على أبواب السنن والفقه، إلا أنه ليس بالكبير، فجمع أبو عبيد عامة ما فى كتبهم وفسره، وذكر الأسانيد، وصنف المسند على حدته، وأحاديث كل رجل من الصحابة والتابعين على حدته، وأجاد تصنيفه، فرغب فيه أهل الحديث والفقه واللغة؛ لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه، وكذلك كتابه فى معانى القرآن، وذلك أن أول من صنف فى ذلك من أهل اللغة أبو عبيد معمر بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015