أحمد بن محمد بن سلامة الأزدى الحجرى الطحاوى المقرىء الحنفى، أفاض الله عليه سجال لطفه الخفى، قد جمع من سننهم كتابًا منزهًا بشرح معانى الآثار، فائقًا على غيره من الأمثال والأنظار، مشتملاً على فوائد عظيمة وعوائد جسيمة.

إن أردت حديثًا، فكبحر تتلاطم أمواجه، وإن أردته فيها رأيت الناس يدخلون فيه أفواجًا، بحيث من شرع فيه لم يبرح يعاوده، ومن غرف منه غرفة لم يزل يراوده، ومن نال منه شيئًا نال منها، ومن ظفر استوعب غناه، ومن غلق به صفرًا ساد أهل زمانه، ومن تعلق به كثيرًا يقول متلهفًا: ليت أيام الشباب ترجع إلى ريعانه، ولم يهجر هذا الكتاب إلا حاسد ذو فساد، أو ذو عتاد، أو متعصب ممارى، أو من هو من هذا الفن عارى.

فنسأل الله ظهور المنصفين وافرة فى الدنيا والآخرة، ويرشد المعاندين إلى طريق الخير، ويخرجهم من ظلمات الشك والارتياب، ويكحل أبصارهم بنور الهداية، وينشر عليهم لطف العناية؛ لينظروا إلى الحق ويأخذوه، ويجانبوا التعصب ويتركوه.

ولما كانت مخدرات هذا الكتاب مقنعة تحت النقاب، ومستوراته محتجبة وراء الحجاب، وأزهاره مستورة، وأثماره مخبأة فى أكمامه، أردت أن أجلوها على منصة الإيضاح، وأجلوها على الإفصاح؛ ليصير عرضة للخطاب، وبغية للطلاب، فيرغب فيها كل من له دين سليم، ويميل إليها كل من كان على منهج مستقيم، بأن أدون له شرحًا يزيل صعابه، ويستخرج عن القشور لبابه، ويبين ما فيه من المشكلات، ويكشف ما فيه من المعضلات، مشتملاً:

أولاً: على تخريج رجاله من الرواة، وتمييز الضعفاء من الثقات؛ لأنهم العمدة فى هذا الباب، وهم الأعمدة فى قيام صحة كل كتاب.

وثانيًا: متعرضًا لمشكلات ما هى من المتون، فيما يتعلق بأحوال اللفظ والمعنى، منبهًا

على من وافقه من أصحاب الصحاح والسنن، وسميته بكتاب مغانى الأخيار فى شرح رجال معانى الآثار (*) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015