يَقُولُ: وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ الّذِينَ تَكَفّلَ اللهُ بِأَرْزَاقِهِمْ وَأَرْزَاقِ عِيَالِهِمْ فِي الْجَنّةِ.
قَالُوا: وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَقُول: وَاَللهِ الّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ، مَا وَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنّهُ وَقَفَ وَاسْتَنْصَرَ، ثُمّ نَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَنَا النّبِيّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبْ
فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ نَصْرَهُ، وَكُبِتَ عَدُوّهُ، وَأَفْلَحَ حُجّتُهُ.
قَالُوا: وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ لَهُ طَوِيلٍ أَمَامَ النّاسِ، إذَا أَدْرَكَ طَعَنَ، قَدْ أَكْثَرَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْقَتْلَ، فَيَصْمُدُ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَعَرْقَبَ جَمَلَهُ، فَسَمِعَ خَرْخَرَةَ [ (?) ] جَمَلِهِ وَاكْتَسَعَ الْجَمَلُ، وَيَشُدّ عَلِيّ وَأَبُو دُجَانَةَ عَلَيْهِ، فَيَقْطَعُ عَلِيّ يَدَهُ الْيُمْنَى، وَيَقْطَعُ أَبُو دُجَانَةَ يَدَهُ الْأُخْرَى، وَأَقْبَلَا يَضْرِبَانِهِ بِسَيْفَيْهِمَا جَمِيعًا حَتّى تَثَلّمَ سَيْفَاهُمَا، فَكَفّ أَحَدُهُمَا وَأَجْهَزَ الْآخَرُ عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: امْضِ، لَا تُعَرّجْ عَلَى سَلَبِهِ! فَمَضَيَا يَضْرِبَانِ أَمَامَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَعْتَرِضُ لَهُمَا فَارِسٌ مِنْ هَوَازِنَ بِيَدِهِ رَايَةٌ حَمْرَاءُ، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا يَدَ الْفَرَسِ وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ، ثُمّ ضَرَبَاهُ بِأَسْيَافِهِمَا فَمَضَيَا عَلَى سَلَبِهِ. وَيَمُرّ أَبُو طَلْحَة فَسَلَبَ الْأَوّلَ وَمَرّ بِالْآخَرِ فَسَلَبَهُ. وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ، وَعَلِيّ، وَأَبُو دُجَانَةَ، وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ يُقَاتِلُونَ بَيْن يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: حَدّثَنِي سُلَيْمَان بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمّ عُمَارَةَ: لَمّا كَانَ يَوْمَئِذٍ وَالنّاسُ مُنْهَزِمُونَ فِي كُلّ وَجْهٍ، وَأَنَا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فِي يَدِي سَيْفٌ لِي صَارِمٌ، وَأُمّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خَنْجَرٌ قَدْ حَزَمَتْهُ عَلَى وَسَطِهَا- وَهِيَ يَوْمَئِذٍ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ- وَأُمّ سليط، وأمّ الحارث. قالوا: