وَالِدَتَهَا! فَرَجَعَتْ الْمَوْلَاةُ إلَى هِنْدٍ فَأَخْبَرَتْهَا بِدُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُرّتْ بِذَلِكَ، فَكَانَتْ الْمَوْلَاةُ تَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ كَثْرَةِ غَنَمِنَا وَوَالِدَتِنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَرَى قَبْلُ وَلَا قَرِيبًا، فَتَقُولُ هِنْدٌ: هَذَا دُعَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَرَكَتُهُ، فَالْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ! ثُمّ تَقُولُ: لَقَدْ كُنْت أَرَى فِي النّوْمِ أَنّي فِي الشّمْسِ أَبَدًا قَائِمَةً، وَالظّلّ مِنّي قَرِيبٌ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَلَمّا دَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنّا رَأَيْت كَأَنّي دَخَلْت الظّلّ.
قَالَ أَبُو حُصَيْنٍ: وَقَدِمَتْ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ- إمّا خَالَةٌ أَوْ عَمّةٌ- بِنَحْيٍ [ (?) ] مَمْلُوءٍ سَمْنًا وَجِرَابٍ أَقِطٍ [ (?) ] ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْأَبْطَحِ، فَلَمّا دَخَلَتْ انْتَسَبَتْ لَهُ، فَعَرَفَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَاهَا إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَتْ وَصَدّقَتْ، ثُمّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبُولِ هَدِيّتِهَا، وَجَعَلَ يُسَائِلُهَا عَنْ حَلِيمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنّهَا تُوُفّيَتْ فِي الزّمَانِ. قَالَ: فَذَرَفَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمّ سَأَلَهَا: مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَتْ: أَخَوَاك وَأُخْتَاك، وَهُمْ وَاَللهِ مُحْتَاجُونَ إلَى بِرّك وَصِلَتِك، وَلَقَدْ كَانَ لَهُمْ مَوْئِلٌ [ (?) ] فَذَهَبَ. وَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ أَهْلُك؟ فَقَالَتْ: بِذَنَبِ أَوْطَاسٍ. فَأَمَرَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِسْوَةٍ، وَأَعْطَاهَا جَمَلًا ظَعِينَةً [ (?) ] ، وَأَعْطَاهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَقُولُ: نِعْمَ وَاَللهِ الْمَكْفُولُ كُنْت صَغِيرًا، وَنِعْمَ الْمَرْءُ كُنْت كَبِيرًا، عَظِيمَ الْبَرَكَةِ.
قَالَ: فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْهُذَلِيّ، قال: