يَا مُحَمّدُ مَنْ سَبّك وَأُوذِيَ مَنْ آذَاكَ، فَقَدْ كُنْت مُوضِعًا فِي سَبّك وَأَذَاك، وَكُنْت مَخْذُولًا، وَقَدْ نَصَرَنِي اللهُ وَهَدَانِي لِلْإِسْلَامِ. قَالَ الزّبَيْرُ: فَجَعَلْت أَنْظُرُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنّهُ لَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ اسْتِحْيَاءً [ (?) ] مِمّا يَعْتَذِرُ هَبّارٌ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَدْ عَفَوْت عَنْك، الْإِسْلَامُ يَجُبّ مَا كَانَ قَبْلَهُ. وَكَانَ لَسِنًا، وَكَانَ يَسُبّ حَتّى يَبْلُغَ مِنْهُ، فَلَا يَنْتَصِفُ مِنْ أَحَدٍ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْمُهُ وَمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَذَى، فَقَالَ: هَبّارٌ، سُبّ مَنْ سَبّك!
قَالُوا: وَأَمّا ابْنُ خَطَلٍ، فَإِنّهُ خَرَجَ حَتّى دَخَلَ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ.
فَحَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ ابن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: سَمِعْت أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيّ يَقُولُ: فِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ [ (?) ] ، أَخْرَجْت عَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ وَهُوَ مُعَلّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَضَرَبْت عُنُقَهُ بَيْنَ الرّكْنِ وَالْمَقَامِ. وَيُقَالُ: قَتَلَهُ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَخْزُومِيّ، وَيُقَالُ: عَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَيُقَالُ: شَرِيكُ بْنُ عَبَدَةَ الْعَجْلَانِيّ، وَأَثْبَتَهُ عِنْدَنَا أَبُو بَرْزَةَ. وَكَانَ جُرْمُهُ أَنّهُ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا، وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ، فَكَانَ يَصْنَعُ طَعَامَهُ وَيَخْدُمُهُ، فَنَزَلَا فِي مَجْمَعٍ فَأَمَرَهُ يَصْنَعُ لَهُ طَعَامًا، وَنَامَ نِصْفَ النّهَارِ، فَاسْتَيْقَظَ وَالْخُزَاعِيّ نَائِمٌ وَلَمْ يَصْنَعْ لَهُ شَيْئًا، فَاغْتَاظَ عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتّى قَتَلَهُ، فَلَمّا قَتَلَهُ قَالَ: وَاَللهِ لَيَقْتُلَنّي مُحَمّدٌ بِهِ إنْ جِئْته. فَارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَسَاقَ مَا أَخَذَ مِنْ الصّدَقَةِ وَهَرَبَ إلَى مَكّةَ، فَقَالَ لَهُ أَهْلُ مَكّةَ: مَا رَدّك إلَيْنَا؟ قَالَ: لَمْ