فَلَا يَقْتُلُك إنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يُرَعْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا بِعُثْمَانَ، أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَاقِفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ أُمّهُ كَانَتْ تَحْمِلُنِي وَتُمْشِيهِ، وَتُرْضِعُنِي وَتَقْطَعُهُ، وَكَانَتْ تُلْطِفُنِي وَتَتْرُكُهُ، فَهَبْهُ لِي. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ عُثْمَانُ كُلّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ اسْتَقْبَلَهُ فَيُعِيدُ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ، فَإِنّمَا أَعْرَضَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ إرَادَةَ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، لِأَنّهُ لَمْ يُؤَمّنْهُ، فَلَمّا رَأَى أَلّا يُقْدَمَ أَحَدٌ، وَعُثْمَانُ قَدْ أَكَبّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبّلُ رَأْسَهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُبَايِعُهُ فِدَاك أَبِي وَأُمّي! فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. ثُمّ الْتَفَتَ إلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ:
مَا مَنَعَكُمْ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مِنْكُمْ إلَى هَذَا الْكَلْبِ فَيَقْتُلَهُ؟ أَوْ قَالَ: «الْفَاسِقِ» .
فَقَالَ عَبّادُ بْنُ بِشْرٍ: أَلَا أَوْمَأْت إلَيّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فو الذي بَعَثَك بِالْحَقّ إنّي لَأَتّبِعُ طَرَفَك مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ رَجَاءَ أَنْ تُشِيرَ إلَيّ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. وَيُقَالُ: قَالَ هَذَا أَبُو الْيُسْرِ، وَيُقَالُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّي لَا أَقْتُلُ بِالْإِشَارَةِ. وَقَائِلٌ يَقُولُ: إنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يومئذ: إنّ النبىّ لَا تَكُونُ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ [ (?) ] . فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَفِرّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلّمَا رَآهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِأَبِي [أَنْتَ] وَأُمّي، لَوْ تَرَى ابْنَ أُمّ عَبْدِ اللهِ يَفِرّ مِنْك كُلّمَا رَآك! فَتَبَسّمَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
أَوَ لَمْ أُبَايِعْهُ وَأُؤَمّنْهُ؟ قَالَ: بَلَى أَيْ رَسُولَ اللهِ! وَلَكِنّهُ يَتَذَكّرُ عَظِيمَ جرمه