صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَخَلَ، فَخَرَجْنَ قَدْ نَشَرْنَ رُءُوسَهُنّ، يَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ وُجُوهَ الْخَيْلِ، فَضَرَبَهُنّ ابْنُ خَطَلٍ جَائِيًا مِنْ أَعْلَى مَكّةَ فَقَالَ لَهُنّ: أَمَا وَاَللهِ لَا يَدْخُلُهَا حَتّى تَرَيْنَ ضَرْبًا كَأَفْوَاهِ الْمَزَادِ [ (?) ] ! ثُمّ خَرَجَ حَتّى انْتَهَى إلَى الْخَنْدَمَةِ، فَرَأَى خَيْلَ الْمُسْلِمِينَ وَرَأَى الْقِتَالَ، وَدَخَلَهُ الرّعْبُ حَتّى مَا يَسْتَمْسِكُ مِنْ الرّعْدَةِ، حَتّى انْتَهَى إلَى الْكَعْبَةِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَطَرَحَ سِلَاحَهُ، فَأَتَى الْبَيْتَ فَدَخَلَ بَيْنَ أَسْتَارِهِ.
قَالَ: وَحَدّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخَذَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ دِرْعَهُ، وَصَفَفَهُ [ (?) ] ، وَمِغْفَرَهُ، وَبَيْضَتَهُ، وَسَيْفَهُ، وَأَدْرَكَ فَرَسَهُ غَائِرًا فَأَدْرَكَهُ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ، وَلَحِقَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجُونِ. قَالُوا:
وَأَقْبَلَ حِمَاسُ بْنُ خَالِدٍ مُنْهَزِمًا حَتّى أَتَى بَيْتَهُ، فَدَقّهُ فَفَتَحَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ فَدَخَلَ، وَقَدْ ذَهَبَتْ رُوحُهُ، فَقَالَتْ: أَيْنَ الْخَادِمُ الّذِي وَعَدْتنِي؟ مَا زِلْت مُنْتَظِرَتُك مُنْذُ الْيَوْمِ تُسَخّرُ بِهِ! قَالَ: دَعِي عَنْك، أَغْلِقِي بَابِي! فَإِنّهُ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ! قَالَتْ: وَيْحَك! أَلَمْ أَنْهَك عَنْ قِتَالِ مُحَمّدٍ؟ وَقُلْت لَك:
«مَا رَأَيْته يُقَاتِلُكُمْ مِنْ مَرّةٍ إلّا ظَهَرَ عَلَيْكُمْ» ، وَمَا بَابُنَا؟ قَالَ: إنّهُ لَا يُفْتَحُ عَلَى أَحَدٍ بَابُهُ. ثُمّ قَالَ- أَنْشَدَنِيهَا ابْنُ أَبِي الزّنَادِ:
وَأَنْتَ لَوْ شَهِدْتنَا بِالْخَنْدَمَهْ ... إذْ فَرّ صَفْوَانُ وَفَرّ عِكْرَمَهْ
وَأَبُو يَزِيدَ [ (?) ] كَالْعَجُوزِ الْمُؤْتِمَهْ [ (?) ] ... لَمْ تَنْطِقِي فى اللّوم أدنى كلمه