مغازي الواقدي (صفحة 863)

إنْسَانًا إذْ سَمِعْت كَلَامًا يَقُولُ: وَاَللهِ إنْ رَأَيْت كَاللّيْلَةِ مِنْ [ (?) ] النّيرَانِ. قَالَ:

يَقُولُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: هَذِهِ وَاَللهِ خُزَاعَةُ حَاشَتْهَا الْحَرْبُ! قال أبو سفيان:

خُزَاعَةُ أَقَلّ وَأَذَلّ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيرَانُهُمْ وَعَسْكَرُهُمْ. قَالَ: وَإِذَا بِأَبِي سُفْيَانَ فَقُلْت: أَبَا حَنْظَلَةَ! فَقَالَ: يَا لَبّيْكَ، أَبَا الْفَضْلِ- وعرف صوتي- مالك، فِدَاك أَبِي وَأُمّي؟ فَقُلْت: وَيْلَك، هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ. فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمّي! مَا تَأْمُرُنِي، هَلْ مِنْ حِيلَةٍ؟

قُلْت: نَعَمْ، تَرْكَبُ عَجُزَ هَذِهِ الْبَغْلَةِ فَأَذْهَبُ بِك إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنّهُ وَاَللهِ إنْ ظُفِرَ بِك دُونَ رَسُولِ اللهِ، لَتُقْتَلَن. قَالَ أَبُو سفيان:

وَأَنَا وَاَللهِ أَرَى ذَلِكَ. قَالَ: وَرَجَعَ بُدَيْلٌ وَحَكِيمٌ، ثُمّ رَكِبَ خَلْفِي، ثُمّ وَجّهْت بِهِ، كُلّمَا مَرَرْت بِنَارِ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَإِذَا رَأَوْنِي قَالُوا:

عَمّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ، حَتّى مَرَرْت بِنَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلَمّا رَآنِي قَامَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت: الْعَبّاسُ.

قَالَ: فَذَهَبَ يَنْظُرُ، فَرَأَى أبا سفيان خَلْفِي فَقَالَ: أَبُو سُفْيَانَ، عَدُوّ اللهِ! الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَمْكَنَ مِنْك بِلَا عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ! ثُمّ خَرَجَ نَحْوَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَدّ، وَرَكَضَتْ الْبَغْلَةُ حَتّى اجْتَمَعْنَا جَمِيعًا عَلَى بَابِ قُبّةِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَدَخَلْت عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى إثْرِي، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ عَدُوّ اللهِ، قَدْ أَمْكَنَ اللهُ مِنْهُ بِلَا عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ، فَدَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ. قَالَ: قُلْت. يَا رَسُولَ، اللهِ إنّي قَدْ أَجَرْته! قَالَ: ثُمّ الْتَزَمْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت: وَاَللهِ لَا يُنَاجِيهِ اللّيْلَةَ أَحَدٌ غَيْرِي- أَوْ دُونِي. فَلَمّا أَكْثَرَ عُمَرُ فِيهِ قُلْت: مَهْلًا يَا عُمَرُ! فَإِنّهُ لَوْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ مَا قُلْت هَذَا، وَلَكِنّهُ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. فَقَالَ عُمَرُ: مَهْلًا، يَا أبا الفضل! فو الله لإسلامك كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015