عَمّهِ. فَقُلْت: لَا أَرَانِي عِنْدَ مَلِكِ الرّومِ وَقَدْ هَرَبْت مِنْ الْإِسْلَامِ، لَا أَعْرِفُ إلّا بِمُحَمّدٍ! فَدَخَلَنِي الْإِسْلَامُ وَعَرَفْت أَنّ مَا كُنْت فِيهِ بَاطِلٌ مِنْ الشّرْكِ، وَلَكِنّا كُنّا مَعَ قَوْمٍ أَهْلِ عُقُولٍ بَاسِقَةٍ [ (?) ] ، وَأَرَى فَاضِلَ النّاسِ يَعِيشُ فِي عُقُولِهِمْ وَرَأْيِهِمْ، فَسَلَكُوا فَجّا فَسَلَكْنَاهُ. وَلَمّا جَعَلَ أَهْلُ الشّرَفِ وَالسّنّ يَقْتَحِمُونَ عَنْ مُحَمّدٍ، وَيَنْصُرُونَ آلِهَتَهُمْ، وَيَغْضَبُونَ لِآبَائِهِمْ، فَاتّبَعْنَاهُمْ. وَلَقِيَهُ الْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَمَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ بِالسّقْيَا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْعَبّاسُ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتّى رَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يَنْزِلُ مَعَهُ فِي كُلّ مَنْزِلٍ حَتّى دَخَلَ مَكّةَ. وَلَمّا كَانَتْ اللّيْلَةُ الّتِي نَزَلَ فِيهَا بِالْجُحْفَةِ، رَأَى أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَمّا دَنَوْا مِنْ مَكّةَ، خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ كَلْبَةٌ تَهِرّ، فَلَمّا دَنَوْا مِنْهَا اسْتَلْقَتْ عَلَى ظَهْرِهَا، وَإِذَا أَطْبَاؤُهَا [ (?) ] تَشْخَبُ لَبَنًا. فَذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَهَبَ كَلْبُهُمْ [ (?) ] وَأَقْبَلَ دَرّهُمْ! سَائِلُوكُمْ بِأَرْحَامِكُمْ، وَأَنْتُمْ لَاقُونَ بَعْضَهُمْ، فَإِنْ لَقِيتُمْ أَبَا سُفْيَانَ [ (?) ] فَلَا تَقْتُلُوهُ.
وَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدَيْدًا لَقِيَتْهُ سُلَيْمٌ، وَذَلِكَ أَنّهُمْ نَفَرُوا مِنْ بِلَادِهِمْ فَلَقَوْهُ، وَهُمْ تِسْعُمِائَةٍ عَلَى الْخُيُولِ جَمِيعًا، مَعَ كُلّ رَجُلٍ رُمْحُهُ وَسِلَاحُهُ، وَقَدِمَ مَعَهُمْ الرّسُولَانِ اللّذَانِ كَانَ أرسلهما رسول الله صلّى الله