بِالْعَرْجِ يَصُبّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ مِنْ الْعَطَشِ.
قَالَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمّا كُنّا بِالْكَدِيدِ بَيْنَ الظّهْرِ وَالْعَصْرِ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَاءً مِنْ مَاءٍ فِي يَدِهِ حَتّى رَآهُ الْمُسْلِمُونَ، ثُمّ أَفْطَرَ تِلْكَ السّاعَةَ. وَبَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّ قَوْمًا صَامُوا فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ! وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّكُمْ مُصَبّحُو عَدُوّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ!
قَالَ ذَلِك بِمَرّ الظّهْرَانِ. فَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَرْجَ، وَالنّاسُ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ تَوَجّهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَى قُرَيْشٍ، أَوْ إلَى هَوَازِنَ، أَوْ إلَى ثَقِيفٍ! فَهُمْ يُحِبّونَ أَنْ يَعْلَمُوا، فَجَلَسَ فِي أَصْحَابِهِ بِالْعَرْجِ وَهُوَ يَتَحَدّثُ، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
آتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمُ لَكُمْ عِلْمَ وَجْهِهِ. فَجَاءَ كَعْبُ فَبَرَكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمّ قَالَ [ (?) ] :
قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلّ رَيْبٍ ... وَخَيْبَرَ ثُمّ أَجْمَمْنَا [ (?) ] السّيُوفَا
نُسَائِلُهَا وَلَوْ نَطَقَتْ لَقَالَتْ ... قَوَاطِعُهُنّ دَوْسًا أَوْ ثَقِيفَا
فَلَسْت لِحَاضِرِ إنْ لَمْ تَرَوْهَا ... بِسَاحَةِ دَارِكُمْ مِنْهَا أُلُوفَا
فَنَنْتَزِعُ الْخِيَامَ بِبَطْنِ وَجّ [ (?) ] ... وَنَتْرُك دُورَهُمْ مِنْهُمْ خُلُوفَا
أَنْشَدَنِيهَا أَيّوبُ بْنُ النّعْمَانِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. فَجَعَلَ النّاسُ يَقُولُونَ: وَاَللهِ مَا بَيّنَ لَك رَسُولُ اللهِ شَيْئًا، مَا نَدْرِي بِمَنْ يُبْدَى، بِقُرَيْشٍ أَوْ ثَقِيفٍ أو هوازن.