مغازي الواقدي (صفحة 840)

قَالَتْ: إنّهُمَا صَبِيَانِ، وَلَيْسَ مِثْلُهُمَا يُجِيرُ. فَلَمّا أَبَت عَلَيْهِ أَتَى عَلِيّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَجِرْ بَيْنَ النّاسِ وَكَلّمْ مُحَمّدًا يُزِيدُ فِي الْمُدّةِ! قَالَ علي وَيْحَك يَا أَبَا سُفْيَانَ! إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَزَمَ أَلَا يفعل، وليس أحد يستطيع أن نكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شَيْءٍ يَكْرَهُهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَمَا الرّأْيُ؟ يَسّرْ لِي أَمْرِي [ (?) ] ، فَإِنّهُ قَدْ ضَاقَ عَلَيّ، فَمَرّ لِي بِأَمْرٍ تَرَى أَنّهُ نَافِعِي! فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: مَا أَجِدُ لَك شَيْئًا [أَمْثَلَ] مِنْ أَنْ تَقُومَ فَتُجِيرُ بَيْنَ النّاسِ، فَإِنّك سَيّدُ كِنَانَةَ. قَالَ:

تَرَى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنّي شَيْئًا؟ قَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَا أَظُنّ ذَلِكَ وَاَللهِ، وَلَكِنّي لَا أَجِدُ لَك غَيْرَهُ. فَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَيْ النّاسِ فَصَاحَ: أَلَا أَنّي قَدْ أَجَرْت بَيْنَ النّاسِ، وَلَا أَظُنّ مُحَمّدًا يَخْفِرُنِي! ثُمّ دَخَلَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ، مَا أَظُنّ أَنْ تَرُدّ جِوَارِي! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ!

حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ، قَدْ عَرَفْت الّذِي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَك، وَأَنّي قَدْ كُنْت لَك فِي حَرَمِنَا جَارًا، وَكُنْت لِي بِيَثْرِبَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَنْتَ سَيّدُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ [ (?) ] ، فأجر بين الناس ورد فِي الْمُدّةِ.

فَقَالَ سَعْدٌ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، جِوَارِي فِي جِوَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُجِيرُ أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُقَالُ: خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى أَنّهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ تَقُولُ ذلك يا أبا سفيان!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015