مَا نَأْخُذُ وَمَا نَدْعُ حَتّى هَدَانَا اللهُ بِك مِنْ الْهَلَكَةِ، وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ الرّكْبُ وَكَثُرُوا عِنْدَك. فَقَالَ: دَعْ الرّكْبَ، فَإِنّا لَمْ نَجِدْ بِتِهَامَةَ أَحَدًا مِنْ ذِي رَحِمٍ وَلَا بِعِيدِ الرّحِمِ كَانَ أَبَرّ بِنَا مِنْ خُزَاعَةَ. فَأَسْكَتَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَلَمّا سَكَتَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عَفَوْت عَنْهُ. قَالَ نَوْفَلٌ:
فِدَاك أَبِي وَأُمّي!
وحدّثنى عبد الحميد بن جعفر عن عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَجُرّ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَصَرْت إنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي!
وَحَدّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَكَأَنّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ جَاءَ يَقُولُ: «جَدّدْ الْعَهْدَ وَزِدْ فِي الْهُدْنَةَ» وَهُوَ رَاجِعٌ بِسَخَطِهِ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ سَالِمٍ وَأَصْحَابِهِ: ارْجِعُوا وَتَفَرّقُوا فِي الْأَوْدِيَةِ! وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهُوَ مُغْضَبٌ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَدَخَلَ يَغْتَسِلُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَسْمَعَهُ يَقُولُ وَهُوَ يَصُبّ الْمَاءَ عَلَيْهِ:
لَا نَصَرَتْ إنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ! وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ مَكّةَ وَهُوَ مُتَخَوّفٌ الّذِي صَنَعَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَكُونُوا جَاءُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الْقَوْمُ لَمّا أَتَوْا الْأَبْوَاءَ رَاجِعِينَ تَفَرّقُوا، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى السّاحِلِ تُعَارِضُ الطّرِيقَ، وَلَزِمَ بُدَيْلُ بْنُ أُمّ أَصْرَمَ فِي نَفِيرٍ مَعَهُ الطّرِيقَ، فَلَقِيَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَأَشْفَقَ أَبُو سُفْيَانَ أَنْ يَكُونَ بُدَيْلٌ جَاءَ مُحَمّدًا، بَلْ كَانَ الْيَقِينُ عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: أَخْبِرُونِي عَنْ يَثْرِبَ، مُنْذُ كم