قَالَ صَفْوَانُ، قُلْت: فَاطْوِ مَا ذَكَرْت لَك. قَالَ: لَا أَذْكُرُهُ وَخَرَجْت إلَى مَنْزِلِي فَأَمَرْت بِرَاحِلَتِي تُخْرَجُ إلَيّ، فَخَرَجْت بِهَا إلَى أَنْ أَلْقَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَقُلْت: إنّ هَذَا لِي لَصَدِيقٌ وَلَوْ ذَكَرْت لَهُ مَا أُرِيدُ! ثُمّ ذَكَرْت مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِ فَكَرِهْت أُذَكّرُهُ، ثُمّ قُلْت: وَمَا عَلَيّ وَأَنَا رَاحِلٌ مِنْ سَاعَتِي. فَذَكَرْت لَهُ مَا صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فَقُلْت: إنّمَا نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ ثَعْلَبٍ فِي جُحْرٍ، لَوْ صُبّ عَلَيْهِ ذَنُوبٌ [ (?) ] مِنْ مَاءٍ لَخَرَجَ. قَالَ: وَقُلْت لَهُ نَحْوًا مِمّا قُلْت لِصَاحِبَيْهِ، فَأَسْرَعَ الْإِجَابَةَ وَقَالَ: لَقَدْ غَدَوْت الْيَوْمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْدُوَ، وَهَذِهِ رَاحِلَتِي بِفَخّ [ (?) ] مُنَاخَةٌ. قَالَ: فَاتّعَدْت أَنَا وَهُوَ بِيَأْجَجَ، إنْ سَبَقَنِي أَقَامَ وَإِنْ سَبَقْته أَقَمْت عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَدْلَجْنَا سَحَرًا فَلَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ حَتّى الْتَقَيْنَا بِيَأْجَجَ، فَغَدَوْنَا حَتّى انْتَهَيْنَا إلَى الْهَدّةِ، فَنَجِد عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِهَا فَقَالَ:
مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ! فَقُلْنَا: وَبِك! قَالَ: أَيْنَ مَسِيرُكُمْ؟ قُلْنَا مَا أَخَرَجَك؟
قَالَ: فَمَا الّذِي أَخَرَجَكُمْ؟ قُلْنَا: الدّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَاتّبَاعُ مُحَمّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَذَلِكَ الّذِي أَقْدَمَنِي.
قَالَ: فَاصْطَحَبْنَا جَمِيعًا حَتّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَأَنَخْنَا بِظَاهِرِ [ (?) ] الْحَرّةِ رِكَابَنَا، فَأَخْبَرَ بِنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُرّ بِنَا، فَلَبِسْت مِنْ صَالِحِ ثِيَابِي، ثُمّ عَمِدْت إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَنِي أَخِي فَقَالَ: اسْرَعْ فَإِنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُخْبِرَ بِك فَسُرّ بِقُدُومِك وَهُوَ يَنْتَظِرُكُمْ. فَأَسْرَعْت الْمَشْيَ فَطَلَعْت عَلَيْهِ، فَمَا زَالَ يَتَبَسّمُ إلَيّ حَتّى وَقَفْت عَلَيْهِ، فَسَلّمْت عَلَيْهِ بِالنّبُوّةِ