مغازي الواقدي (صفحة 775)

قَالُوا: وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ الْمُرّيّ [حَلِيفًا] [ (?) ] لِعُيَيْنَةَ وَلَقِيَهُ مُنْهَزِمًا عَلَى فَرَسٍ لَهُ عَتِيقٍ يَعْدُو بِهِ عَدْوًا سَرِيعًا، فَاسْتَوْقَفَهُ الْحَارِثُ فَقَالَ: لَا، مَا أَقْدِرُ! الطّلَبُ خَلْفِي! أَصْحَابَ مُحَمّدٍ! وَهُوَ يَرْكُضُ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ:

أَمَا لَك بَعْدَ أَنْ تُبْصِرَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ إنّ مُحَمّدًا قَدْ وَطِئَ الْبِلَادَ وَأَنْتَ مَوْضِعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ. قَالَ الْحَارِثُ: فَتَنَحّيْت عَنْ سُنَنِ خَيْلِ مُحَمّدٍ حَتّى أَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنِي، فَأَقَمْت مِنْ [حِينِ] زَالَتْ الشّمْسُ إلَى اللّيْلِ، مَا أَرَى أَحَدًا- وَمَا طَلَبُوهُ إلّا الرّعْبَ الّذِي دَخَلَهُ. قَالَ: فَلَقِيته بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ الْحَارِثُ:

فَلَقَدْ أَقَمْت فِي مَوْضِعٍ حَتّى اللّيْلِ، مَا رَأَيْت مِنْ طَلَبٍ. قَالَ عُيَيْنَةُ: هُوَ ذَاكَ، إنّي خِفْت الْإِسَارَ وَكَانَ أَثْرِي عِنْدَ مُحَمّدٍ مَا تَعْلَمُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ.

قَالَ الْحَارِثُ: أَيّهَا الرّجُلُ، قَدْ رَأَيْت وَرَأَيْنَا مَعَك أمرا بيّنا فى بنى النّضير، ويوم الخندق وقريظة، وَقَبْلَ ذَلِكَ قَيْنُقَاعُ، وَفِي خَيْبَرَ، إنّهُمْ كَانُوا أعزّ يهود الحجاز كلّه، يُقِرّونَ لَهُمْ بِالشّجَاعَةِ وَالسّخَاءِ، وَهُمْ أَهْلُ حُصُونٍ مَنِيعَةٍ وَأَهْلُ نَخْلٍ، وَاَللهِ إنْ كَانَتْ الْعَرَبُ لَتَلْجَأُ إلَيْهِمْ فَيَمْتَنِعُونَ بِهِمْ. لَقَدْ سَارَتْ حَارِثَةُ بْنُ الْأَوْسِ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَوْمِهِمْ مَا كَانَ فَامْتَنَعُوا بِهِمْ مِنْ النّاسِ، ثُمّ قَدْ رَأَيْت حَيْثُ نَزَلَ بِهِمْ كَيْفَ ذَهَبَتْ تِلْكَ النّجْدَةُ وَكَيْفَ أُدِيلُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ: هُوَ وَاَللهِ ذَاكَ، وَلَكِنْ نَفْسِي لَا تُقِرّنِي. قَالَ الْحَارِثُ:

فَادْخُلْ مَعَ مُحَمّدٍ. قَالَ: أَصِيرُ تَابِعًا! قَدْ سَبَقَ قَوْمٌ إلَيْهِ فَهُمْ يَزِرُونَ بِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ يَقُولُونَ: شَهِدْنَا بَدْرًا وَغَيْرَهَا. قَالَ الْحَارِثُ: وَإِنّمَا هُوَ عَلَى مَا تَرَى، فَلَوْ تَقَدّمْنَا إلَيْهِ لَكُنّا مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ، قَدْ بَقِيَ قَوْمُهُ بَعْدَهُمْ مِنْهُ فِي مُوَادَعَةٍ وَهُوَ مَوْقِعٌ بِهِمْ وَقْعَةً، مَا وَطِئَ [ (?) ] لَهُ الأمر. قال عيينة: أرى والله! فاتّعدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015