الْيَهُودَ فَعَلُوا بِعَبْدِ اللهِ مَا فَعَلُوا، وَفَعَلُوا بِمُظَهّرِ بْنِ رَافِعٍ مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا أَشُكّ أَنّهُمْ أَصْحَابُهُ لَيْسَ لَنَا عَدُوّ هُنَاكَ غَيْرَهُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بِهَا مَالٌ فَلْيَخْرُجْ فَأَنَا خَارِجٌ، فَقَاسَمَ مَا كَانَ بِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ، وَحَادّ حُدُودَهَا، وَمُوَرّفٌ أُرَفَهَا [ (?) ] وَمُجْلِي الْيَهُودِ مِنْهَا، فَإِنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَهُمْ: «أُقِرّكُمْ مَا أَقَرّكُمْ اللهُ» وَقَدْ أَذِنَ اللهُ فِي جَلَائِهِمْ إلّا أَنْ يَأْتِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِعَهْدٍ أَوْ بَيّنَةٍ مِنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّهُ أَقَرّهُ فَأَقَرّهُ. فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ:
قَدْ وَاَللهِ أَصَبْت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَوُفّقْت! إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُقِرّكُمْ مَا أَقَرّكُمْ اللهُ» ،
وَقَدْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا بِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلٍ فِي زَمَنِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا حَرّضُوا عَلَى مُظَهّرِ بْنِ رَافِعٍ حَتّى قَتَلَهُ أَعْبُدُهُ، وَمَا فَعَلُوا بِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَهُمْ أَهْلُ تُهْمَتِنَا وَظِنّتِنَا [ (?) ] . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَنْ مَعَك عَلَى مِثْلِ رَأْيِك؟ قَالَ: الْمُهَاجِرُونَ جَمِيعًا وَالْأَنْصَارُ. فَسُرّ بِذَلِكَ عُمَرُ.
حَدّثَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ الّذِي تُوُفّيَ فِيهِ: «لَا يَجْتَمِعُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَان» .
فَفَحَصَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ حَتّى وَجَدَ عَلَيْهِ الثّبْتَ مَنْ لَا يَتّهِمُ، فَأَرْسَلَ إلَى يهود الحجاز فقال:
مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنّي مُجَلّيهِ، فَإِنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ قَدْ أَذِنَ فِي جَلَائِهِمْ. فأجلى عمر يهود الحجاز.