مغازي الواقدي (صفحة 578)

وسلم: انْتَسِبْ إلَى خُزَاعَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَعْرِفُهُ، فَصِفْهُ لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّك إذَا رَأَيْته هِبْته وَفَرِقْت مِنْهُ وَذَكَرْت الشّيْطَانَ. وَكُنْت لَا أَهَابُ الرّجَالَ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا فَرِقْت مِنْ شَيْءٍ قَطّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلَى، آيَةٌ بَيْنَك وَبَيْنَهُ [ (?) ] أَنْ تَجِدَ لَهُ قُشَعْرِيرَةً إذَا رَأَيْته. وَاسْتَأْذَنْت النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُولَ، فَقَالَ: قُلْ مَا بَدَا لَك.

قَالَ: فَأَخَذْت سَيْفِي لَمْ أَزِدْ عَلَيْهِ، وَخَرَجْت أَعْتَزِي إلَى خُزَاعَةَ، فَأَخَذْت عَلَى الطّرِيقِ حَتّى انْتَهَيْت إلَى قُدَيْدٍ، فَأَجِدُ بِهَا خُزَاعَةَ كَثِيرًا، فَعَرَضُوا عَلَيّ الْحُمْلَانَ وَالصّحَابَةَ، فَلَمْ أُرِدْ ذَلِكَ وَخَرَجْت [ (?) ] حَتّى أَتَيْت بَطْنَ سَرِفَ، ثُمّ عَدَلْت حَتّى خَرَجْت عَلَى عُرَنَةَ، وَجَعَلْت أُخْبِرُ مَنْ لَقِيت أَنّي أُرِيدُ سُفْيَانَ بْنَ خَالِدٍ لِأَكُونَ مَعَهُ، حَتّى إذَا كُنْت بِبَطْنِ عُرَنَةَ لَقِيته يَمْشِي، وَوَرَاءَهُ الْأَحَابِيشُ وَمَنْ اسْتَجْلَبَ وَضَوَى إلَيْهِ. فَلَمّا رَأَيْته هِبْته، وعرفته بالنّعث الّذِي نَعَتَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَأَيْتنِي أَقْطُرُ [ (?) ] فَقُلْت صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ! وَقَدْ دَخَلْت فِي وَقْتِ الْعَصْرِ حِينَ رَأَيْته، فَصَلّيْت وَأَنَا أَمْشِي أُومِئُ إيمَاءً بِرَأْسِي، فَلَمّا دَنَوْت مِنْهُ قَالَ: مَنْ الرّجُلُ؟ فَقُلْت: رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، سَمِعْت بِجَمْعِك لِمُحَمّدٍ فَجِئْتُك لِأَكُونَ مَعَك. قَالَ: أَجَلْ، إنّي لَفِي الْجَمْعِ لَهُ. فَمَشَيْت مَعَهُ، وَحَدّثْته فَاسْتَحْلَى حَدِيثِي، وَأَنْشَدْته شِعْرًا، وَقُلْت: عَجَبًا لِمَا أَحْدَثَ مُحَمّدٌ مِنْ هَذَا الدّينِ الْمُحْدَثِ، فَارَقَ الْآبَاءَ وَسَفّهَ أَحْلَامَهُمْ! قَالَ:

لَمْ يَلْقَ مُحَمّدٌ أَحَدًا يُشْبِهُنِي! قَالَ: وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015