مغازي الواقدي (صفحة 520)

وَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ يُحَدّثُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: شَغَلَنَا الْمُشْرِكُونَ عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى- يَعْنِي الْعَصْرَ- مَلَأَ الله أجوافهم وقبورهم نارا! وَأَرْسَلَتْ بَنُو مَخْزُومٍ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم يطلبون جيفة نوفل ابن عَبْدِ اللهِ يَشْتَرُونَهَا بِالدّيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّمَا هِيَ جِيفَةُ حِمَارٍ! وَكَرِهَ ثَمَنَهُ. فَلَمّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ تِلْكَ اللّيْلَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِتَالٌ جَمِيعًا حَتّى انْصَرَفُوا، إلّا أَنّهُمْ لَا يَدْعُونَ يَبْعَثُونَ الطّلَائِعَ بِاللّيْلِ، يَطْمَعُونَ فِي الْغَارَةِ. وَخَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ طَلِيعَتَانِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا، فَالْتَقَيَا وَلَا يَشْعُرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَلَا يَظُنّونَ إلّا أَنّهُمْ الْعَدُوّ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ جِرَاحَةٌ وَقَتْلٌ، وَلَسْنَا نَعْرِفُ مَنْ قَتَلَ وَلَمْ يُسَمّ لَنَا. ثُمّ نَادَوْا بِشَعَارِ الْإِسْلَامِ، وَكَفّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَكَانَ شَعَارُهُمْ: حم لَا يُنْصَرُونَ! فَجَاءُوا إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِرَاحُكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ فَإِنّهُ شَهِيدٌ. فَكَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ إذَا دَنَا الْمُسْلِمُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ نَادَوْا بِشَعَارِهِمْ، لِأَنْ يَكُفّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَلَا يَرْمُونَ بِنَبْلٍ وَلَا بِحَجَرٍ. كَانُوا يُطِيفُونَ بِالْخَنْدَقِ بِاللّيْلِ حَتّى الصّبَاحِ يَتَنَاوَبُونَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الْمُشْرِكُونَ أَيْضًا، يُطِيفُونَ بِالْخَنْدَقِ حَتّى يُصْبِحُوا. قَالَ: فَكَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي يَطْلُعُونَ إلَى [ (?) ] أَهْلِيهِمْ، فَيَقُولُ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ بَنِي قُرَيْظَةَ.

فَإِذَا أَلَحّوا فِي كَثْرَةِ مَا يَسْتَأْذِنُونَهُ يَقُولُ: مَنْ ذَهَبَ مِنْكُمْ فَلْيَأْخُذْ سِلَاحَهُ فَإِنّي لَا آمَنُ بَنِي قُرَيْظَةَ، هُمْ عَلَى طَرِيقِكُمْ. وَكَانَ كُلّ مَنْ يَذْهَبُ مِنْهُمْ إنّمَا يَسْلُكُونَ عَلَى سَلْعٍ حَتّى يدخلوا المدينة، ثم يذهبون إلى العالية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015