مغازي الواقدي (صفحة 496)

حَجَرًا صَلْدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ الْمِعْوَلَ، وَهُوَ عِنْدَ جَبَلِ بَنِي عُبَيْدٍ، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَذَهَبَتْ أَوّلُهَا بَرْقَةً إلَى الْيَمَنِ، ثُمّ ضَرَبَ أُخْرَى فَذَهَبَتْ بَرْقَةً إلَى الشّامِ، ثُمّ ضَرَبَ أُخْرَى فَذَهَبَتْ بَرْقَةً نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَكُسِرَ الْحَجَرُ عِنْدَ الثّالِثَةِ. فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يَقُولُ: وَاَلّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقّ، لَصَارَ كَأَنّهُ سَهْلَةٌ [ (?) ] وَكَانَ كُلّمَا ضَرَبَ ضَرْبَةً يَتْبَعُهُ سَلْمَانُ بِبَصَرِهِ [ (?) ] ، فَيُبْصِرُ عِنْدَ كُلّ ضَرْبَةٍ بَرْقَةً، فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْت الْمِعْوَلَ كُلّمَا ضَرَبْت بِهِ أَضَاءَ مَا تَحْتَهُ. فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ رَأَيْت ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّي رَأَيْت فِي الْأُولَى قُصُورَ الشّامِ، ثُمّ رَأَيْت فِي الثّانِيَةِ قُصُورَ الْيَمَنِ، وَرَأَيْت فِي الثّالِثَةِ قَصْرَ كِسْرَى الْأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ. وَجَعَلَ يَصِفُهُ لِسَلْمَانَ فَقَالَ: صَدَقْت وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ، إنّ هَذِهِ لَصِفَتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنّك لَرَسُولُ اللهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذِهِ فُتُوحٌ يَفْتَحُهَا اللهُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي يَا سَلْمَانُ، لَتُفْتَحَن الشّامُ، وَيَهْرُبُ هِرَقْلُ إلَى أَقْصَى مَمْلَكَتِهِ، وَتَظْهَرُونَ عَلَى الشّامِ فَلَا يُنَازِعُكُمْ أَحَدٌ، وَلَتُفْتَحَن الْيَمَنُ، وَلَيُفْتَحَن هَذَا الْمَشْرِقُ، وَيُقْتَلُ كِسْرَى بَعْدَهُ.

قَالَ سَلْمَانُ: فَكُلّ هَذَا قَدْ رَأَيْت.

قَالُوا: وَكَانَ الْخَنْدَقُ مَا بَيْنَ جَبَلِ بَنِي عُبَيْدٍ بِخُرْبَى إلَى رَاتِجٍ، فَكَانَ لِلْمُهَاجِرِينَ مِنْ ذُبَابٍ إلَى رَاتِجٍ، وَكَانَ لِلْأَنْصَارِ مَا بَيْنَ ذُبَابٍ إلَى خُرْبَى، فَهَذَا الّذِي حَفَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ، وَشَبّكُوا الْمَدِينَةَ بِالْبُنْيَانِ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ وَهِيَ كَالْحِصْنِ. وَخَنْدَقَتْ بَنُو عبد الأشهل عليها بما يَلِي رَاتِجٍ إلَى خَلْفِهَا، حَتّى جَاءَ الْخَنْدَقُ من وراء المسجد، وخندقت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015