مغازي الواقدي (صفحة 432)

اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُحِبّ أَنْ يُقِيمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا يُوَافِقُونَ الْمَوْعِدَ. فَكَانَ كُلّ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مَكّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ أَظْهَرَ لَهُ: إنّا نُرِيدُ أَنْ نَغْزُوَ مُحَمّدًا فِي جَمْعٍ كَثِيفٍ. فَيَقْدَمُ الْقَادِمُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمْ عَلَى تَجَهّزٍ فَيَقُولُ: تَرَكْت أَبَا سُفْيَانَ قَدْ جَمَعَ الْجُمُوعَ، وَسَارَ فِي الْعَرَبِ لِيَسِيرَ إلَيْكُمْ لِمَوْعِدِكُمْ. فَيَكْرَهُ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَيَهِيبُهُمْ ذَلِكَ.

وَيَقْدَمُ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيّ مَكّةَ، فَجَاءَهُ أَبُو سفيان بن حرب في رجال من قريش فقال: يا نعيم، إنّي وَعَدْت مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ أَنْ نَلْتَقِيَ نَحْنُ وَهُوَ بِبَدْرٍ الصّفْرَاءِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ. فَقَالَ نُعَيْمٌ:

مَا أَقْدَمَنِي إلّا مَا رَأَيْت مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ يَصْنَعُونَ مِنْ إعْدَادِ السّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، وَقَدْ تَجَلّبَ إلَيْهِ حُلَفَاءُ الْأَوْسِ مِنْ بَلِيّ وَجُهَيْنَةَ وَغَيْرِهِمْ، فَتَرَكْت الْمَدِينَةَ أَمْسَ وَهِيَ كَالرّمّانَةِ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَحَقّا مَا تَقُولُ؟ قَالَ: إي وَاَللهِ.

فَجَزَوْا نُعَيْمًا خَيْرًا وَوَصَلُوهُ وَأَعَانُوهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَسْمَعُك تَذْكُرُ مَا تَذْكُرُ، مَا قَدْ أَعَدّوا؟ وَهَذَا عَامُ جَدْبٍ- قَالَ نُعَيْمٌ: الْأَرْضُ مِثْلُ ظَهْرِ التّرْسِ، لَيْسَ فِيهَا لِبَعِيرٍ شَيْءٌ- وَإِنّمَا يُصْلِحُنَا عَامُ خِصْبٍ غَيْدَاقٍ [ (?) ] تَرْعَى فِيهِ الظّهْرُ وَالْخَيْلُ وَنَشْرَبُ اللّبَنَ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مُحَمّدٌ وَأَصْحَابُهُ وَلَا أَخْرُجُ فَيَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا، وَيَكُونُ الْخُلْفُ مِنْ قِبَلِهِمْ أَحَبّ إلَيّ. وَنَجْعَلُ لَك عِشْرِينَ فَرِيضَةً، عَشْرًا جِذَاعًا [ (?) ] وَعَشْرًا حِقَاقًا [ (?) ] ، وَتُوضَعُ لك على يدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015