مغازي الواقدي (صفحة 420)

رِضَاءً مِنْ اللهِ بِمَا صَنَعَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا.

فَلَمّا قُطِعَتْ الْعَجْوَةُ شَقّ النّسَاءُ الْجُيُوبَ، وَضَرَبْنَ الْخُدُودَ، وَدَعَوْنَ بِالْوَيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَهُنّ؟ فَقِيلَ: يَجْزَعْنَ عَلَى قَطْعِ الْعَجْوَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ مِثْلَ الْعَجْوَةِ جُزِعَ عَلَيْهِ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَجْوَةُ وَالْعَتِيقُ- الْفَحْلُ الّذِي يُؤَبّرُ بِهِ النّخْلُ- مِنْ الْجَنّةِ، وَالْعَجْوَةُ شِفَاءٌ مِنْ السّمّ. فَلَمّا صِحْنَ صَاحَ بِهِنّ أَبُو رَافِعٍ سلّام: إن قطعت العجوة ها هنا فَإِنّ لَنَا بِخَيْبَرٍ عَجْوَةً. قَالَتْ عَجُوزٌ مِنْهُنّ: خَيْبَرٌ، يُصْنَعُ بِهَا مِثْلُ هَذَا! فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَضّ اللهُ فَاك! إنّ حُلَفَائِي بِخَيْبَرٍ لَعَشَرَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَتَبَسّمَ. وَجَزِعُوا عَلَى قَطْعِ الْعَجْوَةِ فَجَعَلَ سَلّامُ بْنُ مِشْكَمٍ يَقُولُ: يَا حُيَيّ، الْعَذْقُ خَيْرٌ مِنْ الْعَجْوَةِ، يُغْرَسُ فَلَا يُطْعِمُ ثَلَاثِينَ سَنَةً يُقْطَعُ! فَأَرْسَلَ حُيَيّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا مُحَمّدُ، إنّك كُنْت تَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ، لِمَ تَقْطَعُ النّخْلَ؟

نَحْنُ نُعْطِيك الّذِي سَأَلْت، وَنَخْرُجُ مِنْ بِلَادِك. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أَقْبَلُهُ الْيَوْمَ، وَلَكِنْ اُخْرُجُوا مِنْهَا وَلَكُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ إلّا الْحَلْقَةُ.

فَقَالَ سَلّامٌ: اقْبَلْ وَيْحَك، قَبْلَ أَنْ تَقْبَلَ شَرّا مِنْ هَذَا! فَقَالَ حُيَيّ: مَا يَكُونُ شَرّا مِنْ هَذَا؟ قَالَ سَلّامٌ: يَسْبِي الذّرّيّةَ وَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ مَعَ الْأَمْوَالِ، فَالْأَمْوَالُ الْيَوْمَ أَهْوَنُ عَلَيْنَا إذَا لَحَمْنَا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ الْقَتْلِ وَالسّبَاءِ.

فَأَبَى حُيَيّ أَنْ يَقْبَلَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ يَامِينُ بْنُ عمير وأبو سعد ابن وَهْبٍ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: وَإِنّك [ (?) ] لَتَعْلَمُ أَنّهُ لَرَسُولُ اللهِ، فَمَا تَنْتَظِرُ أَنْ نُسْلِمَ فَنَأْمَنَ عَلَى دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا؟ فَنَزَلَا مِنْ اللّيْلِ فَأَسْلَمَا فأحرزا دماءهما وأموالهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015