ما الّذِي يُصِيبُك؟ أَبِك جُنّةٌ؟ قَالَ: لَا وَاَللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنّي كُنْت فِيمَنْ حضر خبيبا حين قتل وسمعت دعوته، فو الله مَا خَطَرَتْ عَلَى قَلْبِي وَأَنَا فِي مَجْلِسٍ إلّا غُشِيَ عَلَيّ. قَالَ: فَزَادَتْهُ عِنْدَ عُمَرَ خَيْرًا.
وَحَدّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُمّانَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ، قَالَ: حَضَرْت يَوْمَئِذٍ دَعْوَةَ خُبَيْبٍ، فَمَا كُنْت أَرَى أَنّ أَحَدًا مِمّنْ حَضَرَ يَنْفَلِت مِنْ دَعْوَتِهِ، وَلَقَدْ كُنْت قَائِمًا فَأَخْلَدْت إلَى الْأَرْضِ فَرَقًا مِنْ دَعْوَتِهِ، وَلَقَدْ مَكَثَتْ قُرَيْشٌ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ وَمَا لَهَا حَدِيثٌ فِي أَنْدِيَتِهَا إلّا دَعْوَةَ خُبَيْبٍ.
قَالُوا: فَلَمّا صَلّى الرّكْعَتَيْنِ حَمَلُوهُ إلَى الْخَشَبَةِ، ثُمّ وَجّهُوهُ إلَى الْمَدِينَةِ وَأَوْثَقُوهُ رِبَاطًا، ثُمّ قَالُوا: ارْجِعْ عَنْ الْإِسْلَامِ، نُخْلِ سَبِيلَك! قَالَ: لَا وَاَللهِ مَا أُحِبّ أَنّي رَجَعْت عَنْ الْإِسْلَامِ وَأَنّ لِي مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا! قَالُوا: فَتُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا فِي مَكَانِك وَأَنْتَ جَالِسٌ فِي بَيْتِك؟ قَالَ: وَاَللهِ مَا أُحِبّ أَنْ يُشَاكَ مُحَمّدٌ بِشَوْكَةٍ وَأَنَا جَالِسٌ فِي بَيْتِي. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: ارْجِعْ يَا خُبَيْبُ! قال: لا أرجع أبدا! قالوا: أما واللّات وَالْعُزّى، لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَنَقْتُلَنّكَ! فَقَالَ: إنّ قَتْلِي فِي اللهِ لَقَلِيلٌ! فَلَمّا أَبَى عَلَيْهِمْ، وَقَدْ جَعَلُوا وَجْهَهُ مِنْ حَيْثُ جَاءَ، قَالَ: أَمّا صَرْفُكُمْ وَجْهِي عَنْ الْقِبْلَةِ، فَإِنّ اللهَ يَقُولُ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ... [ (?) ] . ثُمّ قَالَ: اللهُمّ إنّي لَا أَرَى إلّا وَجْهَ عَدُوّ، اللهُمّ إنّهُ لَيْسَ هَاهُنَا أَحَدٌ يُبَلّغُ رَسُولَك السّلَامَ عَنّي، فَبَلّغْهُ أَنْتَ عَنّي السّلَامَ!
فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ، فَأَخَذَتْهُ غَمْيَةٌ [ (?) ] كَمَا كَانَ يأخذه إذا أنزل عليه