وَجْهِهِ فَنَامَ قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ، فَلَمّا أَصْبَحَ دخل المدينة فأتى منزل عثمان ابن عفّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَضَرَبَ بَابَهُ، فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ أُمّ كُلْثُومٍ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ هُوَ هَاهُنَا، هُوَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَرْسِلِي إلَيْهِ، فَإِنّ لَهُ عِنْدِي ثَمَنَ بَعِيرٍ اشْتَرَيْته عَامَ أَوّلٍ فَجِئْته بِثَمَنِهِ، وَإِلّا ذَهَبْت. قَالَ: فَأَرْسَلْت إلَى عُثْمَانَ فَجَاءَ، فَلَمّا رَآهُ قَالَ:
وَيْحَك، أَهْلَكْتنِي وَأَهْلَكْت نَفْسَك، مَا جَاءَ بِك؟ قَالَ: يَا ابْنَ عَمّ، لَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ أَقْرَبَ إلَيّ مِنْك وَلَا أَحَقّ. فَأَدْخَلَهُ عُثْمَانُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، ثُمّ خَرَجَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ أَمَانًا،
وَقَدْ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أَنْ يَأْتِيَهُ عُثْمَانُ: إنّ مُعَاوِيَةَ قَدْ أَصْبَحَ بِالْمَدِينَةِ فَاطْلُبُوهُ.
فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اُطْلُبُوهُ فِي بَيْتِ عُثْمَانَ بْنِ عفّانَ فَدَخَلُوا بَيْتَ عُثْمَانَ فَسَأَلُوا أُمّ كُلْثُومٍ، فَأَشَارَتْ إلَيْهِ فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ حِمَارَةٍ [ (?) ] لَهُمْ، فَانْطَلَقُوا بِهِ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُثْمَانُ جَالِسٌ عِنْدً رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمّا رَآهُ عُثْمَانُ قَدْ أُتِيَ بِهِ قَالَ: وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ، مَا جِئْتُك إلّا أَنْ أَسْأَلَك أَنْ تُؤَمّنَهُ، فَهَبْهُ لِي يَا رَسُولَ اللهِ! فَوَهَبَهُ لَهُ وَأَمّنَهُ وَأَجّلَهُ ثَلَاثًا، فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَهُنّ قُتِلَ. قَالَ: فَخَرَجَ عُثْمَانُ فَاشْتَرَى لَهُ بَعِيرًا وَجَهّزَهُ، ثُمّ قَالَ: ارْتَحِلْ! فَارْتَحَلَ. وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَخَرَجَ عُثْمَانُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَأَقَامَ مُعَاوِيَةُ حَتّى كَانَ الْيَوْمُ الثّالِثُ، فَجَلَسَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَخَرَجَ حَتّى إذَا كَانَ بِصُدُورِ الْعَقِيقِ
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ مُعَاوِيَةَ قَدْ أَصْبَحَ قَرِيبًا فَاطْلُبُوهُ.
فَخَرَجَ النّاسُ فِي طلبه فإذا هو قد أخطأ الطريق،