إذْ رَأَيْتُك سَالِمًا، فَقَدْ أَشْوَتْ [ (?) ] الْمُصِيبَةُ. فَعَزّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ ابْنِهَا، ثُمّ قَالَ: يَا أُمّ سَعْدٍ، أَبْشِرِي وَبَشّرِي أَهْلِيهِمْ أَنّ قَتَلَاهُمْ قَدْ تَرَافَقُوا فِي الْجَنّةِ جَمِيعًا- وَهُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا- وَقَدْ شَفَعُوا فِي أَهْلِيهِمْ. قَالَتْ: رَضِينَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَبْكِي عَلَيْهِمْ بَعْدَ هَذَا؟ ثُمّ قَالَتْ: اُدْعُ يَا رَسُولَ اللهِ لِمَنْ خُلّفُوا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اللهُمّ أَذْهِبْ حُزْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْبُرْ [ (?) ] مُصِيبَتَهُمْ، وَأَحْسِنْ الْخَلَفَ عَلَى مَنْ خُلّفُوا.
ثُمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَلّ أَبَا عَمْرٍو الدّابّةَ. فَخَلّى [ (?) ] الْفَرَسَ وَتَبِعَهُ الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: يا أَبَا عَمْرٍو، إنّ الْجِرَاحَ فِي أَهْلِ دَارِك فَاشِيَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَجْرُوحٌ إلّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُرْحُهُ كَأَغْزَرِ مَا كَانَ، اللّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرّيحُ رِيحُ مِسْكٍ [ (?) ] ، فَمَنْ كَانَ مَجْرُوحًا فَلْيَقِرّ فِي دَارِهِ وَلْيُدَاوِ جُرْحَهُ، وَلَا يَبْلُغُ مَعِي بَيْتِي عَزْمَةً مِنّي. فَنَادَى فِيهِمْ سَعْدٌ: عَزْمَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلّا يَتّبِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرِيحٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَتَخَلّفَ كُلّ مَجْرُوحٍ، فَبَاتُوا يُوقِدُونَ النّيرَانَ وَيُدَاوُونَ الْجِرَاحَ، وَإِنّ فِيهِمْ لَثَلَاثِينَ جَرِيحًا. وَمَضَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَيْتِهِ، ثُمّ رَجَعَ إلَى نِسَائِهِ فَسَاقَهُنّ، وَلَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ إلّا جَاءَ بِهَا إلَى بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَكَيْنَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْنَ فَرَغَ مِنْ النّوُمِ لثلث الليل،