وَحَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ خَوّاتٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، قَالَ: قَالَ خَوّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمّا كَرّ الْمُشْرِكُونَ انْتَهَوْا إلَى الْجَبَلِ، وَقَدْ عَرِيَ مِنْ الْقَوْمِ، وَبَقِيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جُبَيْرٍ فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ، فَهُمْ عَلَى رَأْسِ عَيْنَيْنِ. فلمّا طلع خالد ابن الْوَلِيدِ وَعِكْرِمَةُ فِي الْخَيْلِ [ (?) ] ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: انْبَسِطُوا نَشْرًا [ (?) ] لِئَلّا يَجُوزَ الْقَوْمُ! فَصَفّوا وَجْهَ الْعَدُوّ، وَاسْتَقْبَلُوا الشّمْسَ، فَقَاتَلُوا سَاعَةً حَتّى قُتِلَ أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَدْ جُرِحَ عَامّتُهُمْ. فَلَمّا وَقَعَ جَرّدُوهُ وَمَثّلُوا بِهِ أَقْبَحَ الْمَثْلِ، وَكَانَتْ الرّمَاحُ قَدْ شَرَعَتْ فِي بَطْنِهِ حَتّى خَرَقَتْ مَا بَيْنَ سُرّتِهِ إلَى خَاصِرَتِهِ إلَى عَانَتِهِ [ (?) ] ، فَكَانَتْ حَشْوَتُهُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا. فَلَمّا جَالَ الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْجَوْلَةَ مَرَرْت بِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَلَقَدْ ضَحِكْت فِي مَوْضِعٍ مَا ضَحِكَ فِيهِ أَحَدٌ قَطّ، وَنَعَسْت فِي مَوْضِعٍ مَا نَعَسَ فِيهِ أَحَدٌ، وَبَخِلْت فِي مَوْضِعٍ مَا بَخِلَ فِيهِ أَحَدٌ. فَقِيلَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: حَمَلْته فَأَخَذْت بِضَبُعَيْهِ [ (?) ] ، وَأَخَذَ أَبُو حَنّةَ بِرِجْلَيْهِ، وَقَدْ شَدَدْت [ (?) ] جُرْحَهُ بِعِمَامَتِي، فَبَيْنَا نَحْنُ نَحْمِلُهُ وَالْمُشْرِكِينَ نَاحِيَةً إلَى أَنْ سَقَطَتْ عِمَامَتِي مِنْ جُرْحِهِ فَخَرَجَتْ حَشْوَتُهُ، فَفَزِعَ صَاحِبِي وَجَعَلَ يَلْتَفِتُ وَرَاءَهُ يَظُنّ أَنّهُ الْعَدُوّ، فَضَحِكْت.
وَلَقَدْ شَرَعَ لِي رَجُلٌ بِرُمْحٍ يَسْتَقْبِلُ بِهِ ثُغْرَةَ نَحْرِي، فَغَلَبَنِي النّوْمُ وَزَالَ الرّمْحُ.
وَلَقَدْ رَأَيْتنِي حِينَ انْتَهَيْت إلَى الْحَفْرِ لَهُ، وَمَعِي قَوْسِي، وَغَلُظَ عَلَيْنَا الْجَبَلُ فَهَبَطْنَا بِهِ الْوَادِيَ، فَحَفَرْت بِسِيَةِ الْقَوْسِ وَفِيهَا الْوَتَرُ، فَقُلْت: لَا أُفْسِدُ