بِالرّمْحِ فَأَنْفَذَهُ، فَمَشَى حَنْظَلَةُ إلَيْهِ بِالرّمْحِ وَقَدْ أَثْبَتَهُ، ثُمّ ضَرَبَهُ الثّانِيَةَ فَقَتَلَهُ. وَهَرَبَ أَبُو سُفْيَانَ يَعْدُو عَلَى قَدَمَيْهِ فَلَحِقَ بِبَعْضِ قُرَيْشٍ، فَنَزَلَ عَنْ صَدْرِ فَرَسِهِ وَرَدِفَ وَرَاءَ أَبِي [ (?) ] سُفْيَانَ- فَذَلِكَ قَوْلُ [ (?) ] أَبِي سُفْيَانَ. فَلَمّا قُتِلَ حَنْظَلَةُ مَرّ عَلَيْهِ أَبُوهُ، وَهُوَ مَقْتُولٌ إلَى جَنْبِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ، فَقَالَ: إنْ كُنْت لَأُحَذّرُك هَذَا الرّجُلَ [ (?) ] مِنْ قَبْلِ هَذَا الْمَصْرَعِ، وَاَللهِ إنْ كُنْت لَبَرّا بِالْوَالِدِ، شَرِيفَ الْخُلُقِ فِي حَيَاتِك، وَإِنّ مَمَاتَك لَمَعَ سَرَاةِ أَصْحَابِك وَأَشْرَافِهِمْ. وَإِنْ جَزَى اللهُ هَذَا الْقَتِيلَ- لِحَمْزَةَ- خَيْرًا، أَوْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ، فَجَزَاك [ (?) ] اللهُ خَيْرًا. ثُمّ نَادَى:
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، حَنْظَلَةُ لَا يُمَثّلُ بِهِ وَإِنْ كَانَ خَالَفَنِي وَخَالَفَكُمْ، فَلَمْ يَأْلُ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَرَى خَيْرًا. فَمُثّلَ بِالنّاسِ وَتُرِكَ فَلَمْ يُمَثّلْ بِهِ.
وَكَانَتْ هِنْدٌ أَوّلَ مَنْ مَثّلَ بِأَصْحَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَتْ النّسَاءَ بِالْمَثْلِ- جَدْعِ الْأُنُوفِ وَالْآذَانِ- فَلَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ إلّا عَلَيْهَا مِعْضَدَانِ [ (?) ] وَمَسَكَتَانِ وَخَدَمَتَانِ، وَمُثّلَ بِهِمْ كُلّهُمْ إلّا حَنْظَلَةَ.
وَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسّلُ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِر بَيْنَ السّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِمَاءِ الْمُزْنِ فِي صِحَافِ الْفِضّةِ.
قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ السّاعِدِيّ: فَذَهَبْنَا فَنَظَرْنَا إلَيْهِ فَإِذَا رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً. قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: فَرَجَعْت إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْته، فَأَرْسَلَ إلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنّهُ خَرَجَ وَهُوَ جُنُب.
وَأَقْبَلَ وَهْبُ بْنُ قَابُوسٍ الْمُزَنِيّ، وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بن عقبة بن