تَكَلّمَ بِهِ، وَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَخَرَجَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ عِصَابَةً وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، ثُمّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ: أَمّا بَعْدُ، يَا أَيّهَا النّاسُ، فَمَا مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْ بَعْضِكُمْ فِي تَأْمِيرِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ؟ وَاَللهِ، لَئِنْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَتِي أُسَامَةَ لَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَتِي أَبَاهُ مِنْ قَبْلِهِ، وَاَيْمُ اللهِ، إنْ كَانَ لِلْإِمَارَةِ لَخَلِيقًا [ (?) ] وَإِنّ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ، وَإِنّ هَذَا لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ، وَإِنّهُمَا لَمُخِيلَانِ [ (?) ] لِكُلّ خَيْرٍ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا فَإِنّهُ مِنْ خِيَارِكُمْ! ثُمّ نَزَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ السّبْتِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ. وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ الّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَ أُسَامَةَ يُوَدّعُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ! وَدَخَلَتْ أُمّ أَيْمَنَ [ (?) ] ، فَقَالَتْ:
أَيْ رَسُولُ الله، لَوْ تَرَكْت أُسَامَةَ يُقِيمُ فِي مُعَسْكَرِهِ حَتّى تَتَمَاثَلَ، فَإِنّ أُسَامَةَ إنْ خَرَجَ عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ! فَمَضَى النّاسُ إلَى الْمُعَسْكَرِ فَبَاتُوا لَيْلَةَ الْأَحَدِ، وَنَزَلَ أُسَامَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَقِيلٌ مَغْمُورٌ، وَهُوَ الْيَوْمُ الّذِي لَدّوهُ [ (?) ] فِيهِ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ، وَعِنْدَهُ الْعَبّاسُ وَالنّسَاءُ حَوْلَهُ، فَطَأْطَأَ عَلَيْهِ أسامة فقبّله، ورسول