مغازي الواقدي (صفحة 1147)

قَالُوا: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَشُكّ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجَاوِزُ الْمُزْدَلِفَةَ يَقِفُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ، وَهُوَ يَسِيرُ إلَى جَنْبِهِ:

يَا رَسُولَ اللهِ، ظَنّ قَوْمُك أَنّك تَقِفُ بِجَمْعٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ كُنْت أَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ النّبُوّةِ خِلَافًا لَهُمْ!

وَقَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ:

رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ النّبُوّةِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ كُلّهَا تَقِفُ بِجَمْعٍ إلّا شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَإِنّ مُوسَى بْنَ يَعْقُوبَ حَدّثَنِي، عَنْ عَمّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: كَانَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ يَقِفُ بِعَرَفَةَ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَسْوَدَانِ، وَزِمَامُ بَعِيرِهِ مِنْ شَعْرٍ بَيْنَ غَرْزَيْنِ [ (?) ] أَسْوَدَيْنِ، حَتّى يَقِفَ مَعَ النّاسِ بِعَرَفَةَ ثُمّ يَدْفَعُ بِدَفْعِهِمْ، فَإِنّنَا لَا نَتَكَلّمُ مَعَ النّاسِ- يَعْنِي الْعَرَبَ- كَانَتْ تَقِفُ بِعَرَفَةَ: وَقُرَيْشٌ بِجَمْعٍ تَقُولُ: نَحْنُ أَهْلُ اللهِ.

قَالَ: فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ بِبَطْنِ عَرَفَةَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ، فَلَمّا كَانَ آخِرُ الْخُطْبَةِ أَذّنَ بِلَالٌ وَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَلَامِهِ، فَلَمّا فَرَغَ بِلَالٌ مِنْ أَذَانِهِ تَكَلّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، وَأَقَامَ بِلَالٌ، فَصَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهْرَ، ثُمّ أَقَامَ فَصَلّى الْعَصْرَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ.

فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، أَنّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَئِذٍ فِي وَادِي عَرَفَةَ، ثُمّ رَكِبَ. قَالَ: فَرَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إلَى الناس أن يقفوا- إلى عرفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015