بِيَوْمِ رُكُوبٍ، لَيْسَ كُلّ قَوْمِك رَاكِبًا. فَنَزَلَ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ يَقُولُ:
سَتَعْلَمُ أَيّنَا أَشْأَمَ عَشِيرَتَهُ الْغَدَاةَ! ثُمّ
دَعَا عُتْبَةُ إلَى الْمُبَارَزَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرِيشِ وَأَصْحَابُهُ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَاضْطَجَعَ فَغَشِيَهُ النّوْمُ [ (?) ] ، وَقَالَ: لَا تُقَاتِلُوا حَتّى أُوذِنَكُمْ، وَإِنْ كَثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ وَلَا تَسُلّوا السّيُوفَ حَتّى يَغْشَوْكُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ دَنَا الْقَوْمُ وَقَدْ نَالُوا مِنّا. فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ، وَقَدْ أَرَاهُ اللهُ إيّاهُمْ فِي مَنَامِهِ قَلِيلًا، وَقَلّلَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْيُنِ بَعْضٍ، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، يُنَاشِدُ رَبّهُ مَا وَعَدَهُ مِنْ النّصْرِ، وَيَقُولُ: اللهُمّ، إنْ تَظْهَرْ عَلَيّ هَذِهِ الْعِصَابَةُ يَظْهَرْ الشّرْكُ، وَلَا يَقُمْ لَك دِين. وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاَللهِ، لَيَنْصُرَنك اللهُ وَلَيُبَيّضَن وَجْهَك. وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّي أُشِيرُ عَلَيْك- وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ وَأَعْلَمُ بِاَللهِ مِنْ أَنْ يُشَارَ عَلَيْهِ- إنّ اللهَ أَجَلّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَنْشُدَهُ وَعْدَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، أَلَا أَنْشُدُ اللهَ وَعْدَهُ؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعادَ! *
وَأَقْبَلَ عُتْبَةُ يَعْمِدُ إلَى الْقِتَالِ، فَقَالَ لَهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: أَبَا الْوَلِيدِ، مَهْلًا، مَهْلًا! تَنْهَى عَنْ شَيْءٍ وَتَكُونُ أَوّلَهُ! وَقَالَ خِفَافُ بْنُ إيمَاءٍ: فَرَأَيْت أَصْحَابَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ تَصَافّ النّاسُ وَتَزَاحَفُوا [ (?) ] ، فَرَأَيْت أَصْحَابَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسُلّونَ السّيُوفَ، وَقَدْ أَنْبَضُوا [ (?) ] الْقِسِيّ، وَقَدْ تَرّسَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِصُفُوفٍ مُتَقَارِبَةٍ، لَا فُرَجَ بَيْنَهَا، وَالْآخَرُونَ قَدْ سَلّوا السّيُوفَ حِينَ طَلَعُوا. فَعَجِبْت مِنْ ذَلِكَ فَسَأَلْت بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ، أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم ألّا نسل