مغازي الواقدي (صفحة 1083)

فِيمَا فَضَلَ مِنْ ظَهْرِهِمْ، وَهُمْ قَافِلُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تَفْعَلْ! فَإِنْ يَكُنْ لِلنّاسِ فَضْلٌ مِنْ ظَهْرِهِمْ يَكُنْ خَيْرًا، فَالظّهْرُ الْيَوْمَ رِقَاقٌ [ (?) ] ، وَلَكِنْ اُدْعُ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ ثُمّ اجْمَعْهَا فَادْعُ اللهَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ كَمَا فَعَلْت فِي مُنْصَرَفِنَا مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ حَيْثُ أَرْمَلْنَا، فَإِنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ يَسْتَجِيبُ لَك! فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَأْتِ بِهِ!

وَأَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَجَعَلَ الرّجُلُ يَأْتِي بِالْمُدّ الدّقِيقِ وَالسّوِيقِ وَالتّمْرِ، وَالْقَبْضَةِ مِنْ الدّقِيقِ وَالسّوِيقِ وَالتّمْرِ وَالْكِسَرِ. فَيُوضَعُ كُلّ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَةٍ، وَكُلّ ذَلِكَ قَلِيلٌ، فَكَانَ جَمِيعُ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الدّقِيقِ وَالسّوِيقِ وَالتّمْرِ ثَلَاثَةَ أَفْرَاقٍ [ (?) ] حَزْرًا. ثُمّ قَامَ فَتَوَضّأَ وَصَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمّ دَعَا اللهَ عَزّ وَجَلّ أَنْ يُبَارِكَ فِيه.

فَكَانَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدّثُونَ جَمِيعًا حَدِيثًا وَاحِدًا، حَضَرُوا ذَلِكَ وَعَايَنُوهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو حُمَيْدٍ السّاعِدِيّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الْجُهَنِيّ مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السّاعِدِيّ، قَالُوا: ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَادَى مُنَادِيهِ: هَلُمّوا إلَى الطّعَامِ، خُذُوا مِنْهُ حَاجَتَكُمْ! وَأَقْبَلَ النّاسُ، فَجَعَلَ كُلّ مَنْ جَاءَ بِوِعَاءٍ مَلَأَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ:

لَقَدْ طَرَحْت يَوْمَئِذٍ كِسْرَةً مِنْ خُبْزٍ وَقَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ، وَلَقَدْ رَأَيْت الْأَنْطَاعَ تَفِيضُ، وَجِئْت بِجِرَابَيْنِ فَمَلَأْت إحْدَاهُمَا سَوِيقًا وَالْآخَرَ خُبْزًا، وَأَخَذْت فِي ثَوْبِي دَقِيقًا، مَا كَفَانَا إلَى الْمَدِينَةِ. فَجَعَلَ النّاسُ يَتَزَوّدُونَ الزّادَ حَتّى نَهِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، حَتّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ أُخِذَتْ الْأَنْطَاعُ وَنُثِرَ مَا عَلَيْهَا.

فَجَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وَهُوَ وَاقِفٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015