بجرة من طيّء، ذَكَرَ قَوْلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالِدٍ «إنّك تَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَر»
وَمَا صَنَعَ الْبَقَرُ تِلْكَ اللّيْلَةَ بِبَابِ الْحِصْنِ تَصْدِيقُ قَوْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال شِعْرًا:
تَبَارَكَ سَائِقُ الْبَقَرَاتِ إنّي ... رَأَيْت اللهَ يُهْدِي كُلّ هَادِ
وَمَنْ يَكُ عَانِدًا عَنْ ذِي تَبُوكَ ... فَإِنّا قَدْ أُمِرْنَا بِالْجِهَادِ
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِأُكَيْدِرٍ: هَلْ لَك أَنْ أُجِيرَك مِنْ الْقَتْلِ حَتّى آتِيَ بِك رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ تَفْتَحَ لِي دُومَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ لَك. فلمّا صالح خالد أكيدر، وَأُكَيْدِرٌ فِي وَثَاقٍ، انْطَلَقَ بِهِ خَالِدٌ حَتّى أَدْنَاهُ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ وَنَادَى أُكَيْدِرٌ أَهْلَهُ: افْتَحُوا بَابَ الْحِصْنَ! فَرَأَوْا ذَلِكَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ مُضَادٌ [ (?) ] أَخُو أُكَيْدِرٍ، فَقَالَ أُكَيْدِرٌ لِخَالِدٍ: تَعْلَمُ وَاَللهِ لَا يَفْتَحُونَ لِي مَا رَأَوْنِي فِي وَثَاقٍ، فَخَلّ عَنّي فَلَك اللهُ وَالْأَمَانَةُ أَنْ أَفْتَحَ لَك الْحِصْنَ إنْ أَنْت صَالَحْتنِي عَلَى أَهْلِهِ. قَالَ خَالِدٌ: فَإِنّي أُصَالِحُك.
فَقَالَ أُكَيْدِرٌ: إنْ شِئْت حَكّمْتُك وَإِنْ شِئْت حَكّمْنِي. قَالَ خَالِدٌ: بَلْ، نَقْبَلُ مِنْك مَا أَعْطَيْت. فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفَيْ بَعِيرٍ، وَثَمَانِمِائَةِ رَأْسٍ [ (?) ] ، وَأَرْبَعِمِائَةِ دِرْعٍ، وَأَرْبَعِمِائَةِ رُمْحٍ، عَلَى أَنْ يَنْطَلِقَ بِهِ وَأَخِيهِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَيَحْكُمَ فِيهِمَا حُكْمَهُ. فَلَمّا قَاضَاهُ خَالِدٌ عَلَى ذَلِكَ خَلّى سَبِيلَهُ فَفُتِحَ الْحِصْنُ، فَدَخَلَهُ خَالِدٌ وَأَوْثَقَ أَخَاهُ مُضَادًا أَخَا أُكَيْدِرٍ، وَأَخَذَ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِبِلِ وَالرّقِيقِ وَالسّلَاحِ، ثُمّ خَرَجَ قَافِلًا إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أُكَيْدِرٌ وَمُضَادٌ. فَلَمّا قَدِمَ بِأُكَيْدِرٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ وَحَقَنَ دمه ودم