قَالَ: فَبَسَطَ بِلَالٌ نِطْعًا [ (?) ] ، ثُمّ جَعَلَ يُخْرِجُ مِنْ حَمِيتٍ [ (?) ] لَهُ، فَأَخْرَجَ خَرْجَاتٍ بِيَدِهِ مِنْ تَمْرٍ مَعْجُونٍ بِالسّمْنِ وَالْأَقِطِ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوا! فَأَكَلْنَا حَتّى شَبِعْنَا فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، إنْ كُنْت لَآكُلُ هَذَا وَحْدِي! قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ [ (?) ] وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ. قَالَ: ثُمّ جِئْته مِنْ الْغَدِ مُتَحَيّنًا لِغَدَائِهِ لِأَزْدَادَ فِي الْإِسْلَامِ يَقِينًا، فَإِذَا عَشْرَةُ نَفَرٍ حوله. قال:
فقال به هَاتِ أَطْعِمْنَا يَا بِلَالُ. قَالَ: فَجَعَلَ يُخْرِجُ مِنْ جِرَابِ تَمْرٍ بِكَفّهِ قَبْضَةً قَبْضَةً، فَقَالَ: أَخْرِجْ وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إقْتَارًا! فجاء بالجراب فنثره. قال: فجزرته مُدّيْنِ. قَالَ: فَوَضَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى التّمْرِ، ثُمّ قَالَ: كُلُوا بِاسْمِ اللهِ! فَأَكَلَ الْقَوْمُ وَأَكَلْت مَعَهُمْ، وَكُنْت صَاحِبَ تَمْرٍ. قَالَ: فَأَكَلْت حَتّى مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ: وَبَقِيَ عَلَى النّطْعِ مِثْلُ الّذِي جَاءَ بِهِ بِلَالٌ، كَأَنّا لَمْ نَأْكُلْ مِنْهُ تَمْرَةً وَاحِدَةً. قَالَ:
ثُمّ عُدْت مِنْ الْغَدِ. قَالَ: وَعَادَ نَفَرٌ حَتّى بَاتُوا، فَكَانُوا عَشْرَةً أَوْ يَزِيدُونَ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ، أَطْعِمْنَا! فَجَاءَ بِذَلِكَ الْجِرَابِ بِعَيْنِهِ أَعْرِفُهُ فَنَثَرَهُ، وَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم يده عليه فَقَالَ: كُلُوا بِاسْمِ اللهِ، فَأَكَلْنَا حَتّى نَهِلْنَا، ثُمّ رَفَعَ مِثْلَ الّذِي صَبّ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيّام.
قَالَ: وَكَانَ هِرَقْلُ قَدْ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ غَسّانَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْظُرَ إلَى صِفَتِهِ وَإِلَى عَلَامَاتِهِ، إلَى حُمْرَةٍ فِي عَيْنَيْهِ، وَإِلَى خَاتَمِ النّبُوّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَسَأَلَ فَإِذَا هُوَ لَا يَقْبَلُ الصّدَقَةَ، فَوَعَى أَشْيَاءَ مِنْ حَالِ النّبِيّ