فِي الرّيحِ وَالْحَرّ وَالْعُسْرَةِ إلَى بَنِي الْأَصْفَرِ؟ وَاَللهِ، مَا آمَنُ خَوْفًا مِنْ بَنِي الْأَصْفَرِ وَإِنّي فِي مَنْزِلِي بِخُرْبَى، فَأَذْهَبُ إلَيْهِمْ فَأَغْزُوهُمْ، إنّي وَاَللهِ يَا بُنَيّ عَالِمٌ بِالدّوَائِرِ! فَأَغْلَظَ لَهُ ابْنُهُ، فَقَالَ: لَا وَاَللهِ، وَلَكِنّهُ النّفَاقُ! وَاَللهِ، لَيَنْزِلَنّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم فيك قرآن يقرأونه. قَالَ: فَرَفَعَ نَعْلَهُ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَهُ، فَانْصَرَفَ ابْنُهُ وَلَمْ يُكَلّمْهُ. وَجَعَلَ الْخَبِيثُ يُثَبّطُ قَوْمَهُ، وَقَالَ لِجَبّارِ بْنِ صَخْرٍ وَنَفَرٍ مَعَهُ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا بَنِي سَلِمَةَ، لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرّ: يَقُولُ: لَا تَخْرُجُوا فِي الْحَرّ زَهَادَةً فِي الْجِهَادِ، وَشَكّا فِي الْحَقّ، وَإِرْجَافًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِيهِ: وَقالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ إلَى قَوْلِهِ: جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [ (?) ] . وَفِيهِ نَزَلَتْ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي.. [ (?) ] الْآيَةَ، أَيْ كَأَنّهُ إنّمَا يَخْشَى الْفِتْنَةَ مِنْ نِسَاءِ بَنِي الْأَصْفَرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِهِ، إنّمَا تَعَذّرَ بِالْبَاطِلِ، فَمَا سَقَطَ فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ أَكْثَرُ، بِتَخَلّفِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَغْبَتِهِ بِنَفْسِهِ عَنْ نَفْسِهِ. يَقُول اللهُ عَزّ وَجَلّ: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ يَقُولُ:
إنّ جَهَنّمَ لَمِنْ وَرَائِهِ، فَلَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَاءَ ابْنُهُ إلَى أَبِيهِ فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَك إنّهُ سَوْفَ يَنْزِلُ فِيك قُرْآنٌ يَقْرَأهُ الْمُسْلِمُونَ؟ قَالَ: يَقُولُ أَبُوهُ: اُسْكُتْ عَنّي يَا لُكَعُ! وَاَللهِ، لَا أَنْفَعُك بِنَافِعَةٍ أَبَدًا! وَاَللهِ لَأَنْتَ أَشَدّ عَلَيّ مِنْ مُحَمّدٍ!
قَالَ: وَجَاءَ الْبَكّاءُونَ- وَهُمْ سَبْعَةٌ- يَسْتَحْمِلُونَهُ، وَكَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ [ (?) ] الْآيَةَ. وَهُمْ سَبْعَةٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بن عوف: سالم