إذَا مَا أَتَتْهُمْ آيَةٌ مِنْ مُحَمّدٍ ... مَحَوْهَا بماء البئر فهي عصير [ (?) ]
قالوا: فلمّا بِالْكِتَابِ مَا فَعَلُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا لَهُمْ؟ أَذَهَبَ اللهُ بِعُقُولِهِمْ؟ فَهُمْ أَهْلُ رِعْدَةٍ. وَعَجَلَةٍ وَكَلَامٍ مُخْتَلِطٍ، وَأَهْلُ سَفَهٍ!
وَكَانَ الّذِي جَاءَهُمْ بِالْكِتَابِ رَجُلٌ من عرينة يقال له: عبد الله ابن عَوْسَجَةَ، لِمُسْتَهَلّ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ تِسْعٍ. قَالَ الْوَاقِدِيّ: رَأَيْت بَعْضَهُمْ عَيِيّا لَا يُبِينُ الْكَلَامَ.
شَأْنُ سَرِيّةٍ أَمِيرُهَا عَلْقَمَةُ بْنُ مُجَزّزٍ الْمُدْلِجِيّ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ
قَالَ: حَدّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَا: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّ نَاسًا من الحبشة تراءاهم [ (?) ] أَهْلُ الشّعَيْبَةِ- سَاحِلٌ بِنَاحِيَةِ مَكّةَ- فِي مَرَاكِبَ، فَبَلَغَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزّزٍ الْمُدْلِجِيّ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ حَتّى انْتَهَى إلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فَخَاضَ إلَيْهِمْ فَهَرَبُوا مِنْهُ، ثُمّ انْصَرَفَ، فَلَمّا كَانَ بِبَعْضِ الْمَنَازِلِ اسْتَأْذَنَهُ بَعْضُ الْجَيْشِ فِي الِانْصِرَافِ حَيْثُ لَمْ يَلْقَوْا كَيْدًا، فَأَذِنَ لَهُمْ وَأَمّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السّهْمِيّ- وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ- فَنَزَلْنَا بِبَعْضِ الطّرِيقِ وَأَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا يَصْطَلُونَ عَلَيْهَا وَيَصْطَنِعُونَ الطّعَامَ، فَقَالَ:
عَزَمْت عَلَيْكُمْ أَلّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النّارِ! فَقَامَ بَعْضُ الْقَوْمِ فَتَحَاجَزُوا حَتّى ظَنّ أَنّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا، فَقَالَ: اجْلِسُوا، إنّمَا كُنْت أَضْحَكُ مَعَكُمْ!