أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَصْوَاتَهُمْ فَجَعَلُوا يَخْفِقُونَ [ (?) ] بِأَيْدِيهِمْ، فَخَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بِلَالٌ الصّلَاةَ، وَتَعَلّقُوا بِهِ يُكَلّمُونَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ بَعْدَ إقَامَةِ بِلَالٍ الصّلَاةَ مَلِيّا، وَهُمْ يَقُولُونَ:
أَتَيْنَاك بِخَطِيبِنَا وَشَاعِرِنَا فَاسْمَعْ مِنّا. فَتَبَسّمَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمّ مَضَى فَصَلّى بِالنّاسِ الظّهْرَ، ثُمّ انْصَرَفَ إلَى بَيْتِهِ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثم خَرَجَ فَجَلَسَ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَقَدِمُوا عَلَيْهِ وقدّموا عطارد ابن حَاجِبِ التّمِيمِيّ فَخَطَبَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي لَهُ الْفَضْلُ عَلَيْنَا، وَاَلّذِي جَعَلَنَا مُلُوكًا، وَأَعْطَانَا الْأَمْوَالَ نَفْعَلُ فِيهَا الْمَعْرُوفَ، وَجَعَلَنَا أَعَزّ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، وَأَكْثَرَهُمْ مَالًا وَأَكْثَرَهُمْ عَدَدًا، فَمَنْ مِثْلُنَا فى الناس؟ ألسنا برؤوس النّاسِ وَذَوِي فَضْلِهِمْ؟ فَمَنْ يُفَاخِرُ فَلْيَعْدُدْ مِثْلَ مَا عَدَدْنَا! وَلَوْ شِئْنَا لَأَكْثَرْنَا مِنْ الْكَلَامِ، وَلَكِنّا نَسْتَحْيِي مِنْ الْإِكْثَارِ فِيمَا أَعْطَانَا اللهُ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا لِأَنْ يُؤْتَى بِقَوْلٍ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ قَوْلِنَا! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: قُمْ فَأَجِبْ خَطِيبَهُمْ! فَقَامَ ثَابِتٌ- وَمَا كَانَ دَرَى مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَمَا هَيّأَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يَقُولُ- فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي السّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ خَلْقُهُ، قَضَى فِيهَا أَمْرَهُ، وَوَسِعَ كُلّ شَيْءٍ عِلْمُهُ، فَلَمْ يَكُ شَيْءٌ إلّا مِنْ فَضْلِهِ. ثُمّ كَانَ مِمّا قَدّرَ اللهُ أَنْ جَعَلَنَا مُلُوكًا، وَاصْطَفَى لَنَا مِنْ خَلْقِهِ رَسُولًا، أَكْرَمَهُمْ نَسَبًا، وَأَحْسَنَهُمْ زِيّا، وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا. أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، وَائْتَمَنَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَكَانَ خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَدَعَا إلَى الْإِيمَانِ، فَآمَنَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قَوْمِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ، أَصْبَحُ النّاسِ وَجْهًا، وَأَفْضَلُ النّاسِ فِعَالًا. ثُمّ كُنّا أَوّلَ النّاسِ إجَابَةً حِينَ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ وَرَسُولِهِ، نُقَاتِلُ الناس حتى