فَجَعَلَ يُخَفّفُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَنْزِعُ [ (?) ] لِبَنِي مَالِكٍ حَتّى ثَمِلُوا وَنَامُوا، فَلَمّا نَامُوا وَثَبَ إلَيْهِمْ لِيَقْتُلَهُمْ، فَشَرَدَ الشّرِيدُ مِنْهُمْ لَيْلَتَئِذٍ، وَفَرِقَ دَمّونُ أَنْ يَكُونَ هَذَا سُكْرًا مِنْهُ فَتَغَيّبَ، فَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا دَمّونُ! يَا دَمّونُ! فَلَا دَمّونُ، فَجَعَلَ يَبْكِي، وَخَافَ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بَعْضُهُمْ، فَطَلَعَ دَمّونُ فَقَالَ:
أَيْنَ كُنْت؟ قَالَ: تَغَيّبْت حِينَ رَأَيْتُك صَنَعْت بِبَنِي مَالِكٍ مَا صَنَعْت، فَخَشِيت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَهَابَ عَقْلٍ. قَالَ: إنّمَا صَنَعْت ذَلِكَ بِهِمْ لَمّا حَيّاهُمْ الْمُقَوْقَسُ وَجَفَانِي. ثُمّ أَقْبَلَ بِأَمْوَالِهِمْ حَتّى أَتَى بِهَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ،
فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اُخْمُسْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَسْنَا نَغْدِرُ، وَلَا يَنْبَغِي لَنَا الْغَدْرُ! فَأَبَى أَنْ يَخْمُسَ أَمْوَالَهُمْ.
وَأَنْزَلَ الْمُغِيرَةُ ثَقِيفًا فِي دَارِهِ بِالْبَقِيعِ، وَهِيَ خُطّةٌ خَطّهَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، فَأَمَرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْمَاتٍ ثَلَاثٍ مِنْ جَرِيدٍ فَضُرِبَتْ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانُوا يَسْمَعُونَ الْقِرَاءَةَ بِاللّيْلِ وَتَهَجّدَ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَنْظُرُونَ إلَى الصّفُوفِ فِي الصّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَيَرْجِعُونَ إلَى مَنْزِلِ الْمُغِيرَةِ فَيُطْعَمُونَ ويتوضّأون، وَيَكُونُونَ فِيهِ مَا أَرَادُوا، وَهُمْ يَخْتَلِفُونَ إلَى الْمَسْجِدِ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْرِي لَهُمْ الضّيَافَةَ فِي دَارِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانُوا [ (?) ] يَسْمَعُونَ خُطْبَةَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَسْمَعُونَهُ يَذْكُرُ نَفْسَهُ، فَقَالُوا: أَمَرَنَا بِالتّشَهّدِ أَنّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَا يَشْهَدُ بِهِ فِي خُطْبَتِهِ! فَلَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُمْ قَالَ: أَنَا أَوّلُ