مغازي الواقدي (صفحة 1006)

مَنْزِلَهُ فَحَيّوْهُ تَحِيّةَ الشّرْكِ، فَكَانَ أَوّلَ مَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ تَحِيّةُ الشّرْكِ، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ تَحِيّةُ أَهْلِ الْجَنّةِ. ثُمّ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ:

يَا قَوْمِ، أَتَتّهِمُونَنِي؟ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنّي أَوْسَطُكُمْ نَسَبًا، وَأَكْثَرُكُمْ مَالًا، وَأَعَزّكُمْ نَفَرًا؟ فَمَا حَمَلَنِي عَلَى الْإِسْلَامِ إلّا أَنّي رَأَيْت أَمْرًا لَا يَذْهَبُ عَنْهُ ذَاهِبٌ! فَاقْبَلُوا نُصْحِي، وَلَا تَسْتَعْصُونِي، فو الله مَا قَدِمَ وَافِدٌ عَلَى قَوْمٍ بِأَفْضَلَ مِمّا قَدِمْت بِهِ عَلَيْكُمْ! فَاتّهَمُوهُ، وَاسْتَغَشّوهُ، وَقَالُوا: قَدْ وَاللّاتِ وَقَعَ فِي أَنْفُسِنَا حَيْثُ لَمْ تَقْرَبْ الرّبّةَ، وَلَمْ تَحْلِقْ رَأْسَك عِنْدَهَا أَنّك قَدْ صَبَوْت [ (?) ] ! فَآذَوْهُ، وَنَالُوا مِنْهُ، وَحَلُمَ عَلَيْهِمْ، فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ يَأْتَمِرُونَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ بِهِ، حَتّى إذا طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْفَى عَلَى غُرْفَةٍ لَهُ فَأَذّنَ بِالصّلَاةِ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ رَهْطِهِ مِنْ الْأَحْلَافِ يُقَالُ لَهُ وَهْبُ بْنُ جَابِرٍ- وَيُقَالُ: رَمَاهُ أَوْسُ بْنُ عَوْفٍ مِنْ بَنِي مَالِكٍ، وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا- وَكَانَ عُرْوَةُ رَجُلًا مِنْ الْأَحْلَافِ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ [ (?) ] فَلَمْ يَرْقَأْ دَمُهُ [ (?) ] . وَحُشِدَ قَوْمُهُ فِي السّلَاحِ، وَجُمِعَ الْآخَرُونَ وَتَجَايَشُوا، فَلَمّا رَأَى عُرْوَةُ مَا يَصْنَعُونَ قَالَ: لَا تَقْتَتِلُوا فِيّ، فَإِنّي قَدْ تَصَدّقْت بِدَمِي عَلَى صَاحِبِهِ لِيُصْلِحَ بِذَلِكَ بَيْنَكُمْ، فَهِيَ كَرَامَةُ اللهِ أَكْرَمَنِي اللهُ بِهَا، الشّهَادَةُ سَاقَهَا اللهُ إلَيّ، أَشْهَدُ أَنّ محمّدا رسول الله، خبّرنى عنكم هذا أَنّكُمْ تَقْتُلُونَنِي! ثُمّ قَالَ لِرَهْطِهِ: ادْفِنُونِي مَعَ الشّهَدَاءِ الّذِينَ قُتِلُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ عَنْكُمْ. قَالَ: فَدَفَنُوهُ مَعَهُمْ. وَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُهُ فَقَالَ: مَثَلُ عُرْوَةَ مَثَلُ صَاحِبِ يَاسِينَ، دَعَا قَوْمَهُ إلَى اللهِ عَزّ وَجَلّ فَقَتَلُوه.

وَيُقَالُ: إنّ عُرْوَةَ لَمْ يَقْدَمْ الْمَدِينَةَ. وَإِنّمَا لَحِقَ رَسُولَ اللهِ صَلّى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015