بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى، وَكَانَ مُصَلّى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ بِالْجِعِرّانَةِ- فَأَمّا هَذَا الْمَسْجِدُ الْأَدْنَى، فَبَنَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَاِتّخَذَ ذَلِكَ الْحَائِطَ عِنْدَهُ- وَلَمْ يَجُزْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَادِيَ إلّا مُحْرِمًا، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبّي حَتّى اسْتَلَمَ الرّكْنَ. وَيُقَالُ: لَمّا نَظَرَ إلَى الْبَيْتِ قَطَعَ التّلْبِيَةَ، فَلَمّا أَتَى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَدَخَلَ وَطَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ [ (?) ] يَرْمُلُ [ (?) ] مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ، ثُمّ خَرَجَ فَطَافَ بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَتّى إذَا انْتَهَى إلَى الْمَرْوَةِ فِي الطّوَافِ السّابِعِ حَلَقَ رَأْسَهُ. عِنْدَ الْمَرْوَةِ، حَلَقَهُ أَبُو هِنْدٍ عَبْدُ بَنِي بَيَاضَةَ، وَيُقَالُ حَلَقَهُ خِرَاشُ بْنُ أُمَيّةَ، وَلَمْ يَسُقْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا هَدْيًا. ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْجِعِرّانَةِ مِنْ لَيْلَتِهِ فَكَانَ كَبَائِتٍ بِهَا، فَلَمّا رَجَعَ إلَى الْجِعِرّانَةِ خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَسَلَكَ فِي وَادِي الْجِعِرّانَةِ، وَسَلَكَ مَعَهُ حَتّى خَرَجَ عَلَى سَرِفَ، ثُمّ أَخَذَ الطّرِيقَ حَتّى انْتَهَى إلَى مَرّ الظّهْرَانِ.
واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عَتّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكّةَ، وَخَلّفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يُعَلّمَانِ النّاسَ الْقُرْآنَ وَالْفِقْهَ فِي الدّينِ. وَقَالَ لَهُ: أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسْتَعْمِلُك؟ قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: اسْتَعْمَلْتُك عَلَى أَهْلِ اللهِ، بَلّغْ عَنّي أَرْبَعًا: لَا يَصْلُحُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَلَا بَيْعٌ مَا لَمْ يُضْمَنْ، ولا تأكل ربح ما ليس عندك!
وأقام لِلنّاسِ الْحَجّ عَتّابُ بْنُ أَسِيدٍ تِلْكَ السّنَةَ- وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ- بِغَيْرِ تَأْمِيرٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَجّ، ولكنه أمير مكّة، وحجّ