بِحَبْسِ أَهْلِ مَالِكٍ بِمَكّةَ عِنْدَ عَمّتِهِمْ أُمّ عَبْدِ اللَّه بِنْتِ أَبِي أُمَيّةَ. فَقَالَ الْوَفْدُ:
يَا رَسُولَ اللَّه، أُولَئِكَ سَادَتُنَا وَأَحِبّتُنَا إلَيْنَا. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:
إنّمَا أُرِيدُ بِهِمْ الْخَيْر.
فَوَقَفَ مَالَ مَالِكٍ فَلَمْ يُجْرِ فِيهِ السّهْمَ، فَلَمّا بَلَغَ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ الْخَبَرُ، وَمَا صَنَعَ فِي قَوْمِهِ، وَمَا وَعَدَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنّ أَهْلَهُ وَمَالَهُ مَوْقُوفٌ، وَقَدْ خَافَ مَالِكٌ ثَقِيفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال لَهُ مَا قَالَ فَيَحْبِسُونَهُ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَقُدّمَتْ حَتّى وُضِعَتْ بِدَحْنَا [ (?) ] وَأَمَرَ بِفَرَسٍ لَهُ فَأُتِيَ بِهِ لَيْلًا، فَخَرَجَ مِنْ الْحِصْنِ فَجَلَسَ عَلَى فَرَسِهِ لَيْلًا فَرَكَضَهُ حَتّى أَتَى دَحْنَا، فَرَكِبَ عَلَى بَعِيرِهِ فَلَحِقَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُدْرِكُهُ قَدْ رَكِبَ مِنْ الْجِعِرّانَةِ، فَرَدّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ. وَيُقَالُ:
لَحِقَهُ بِمَكّةَ، وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ تِلْكَ الْقَبَائِلِ حَوْلَ الطّائِفِ مِنْ هَوَازِنَ وَفَهْمٍ، فَكَانَ قَدْ ضَوَى إلَيْهِ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، فَكَانَ يُقَاتِلُ بِهِمْ مَنْ كَانَ عَلَى الشّرْكِ، وَيُغِيرُ بِهِمْ عَلَى ثَقِيفٍ، يُقَاتِلُهُمْ بِهِمْ، وَلَا يَخْرُجُ لِثَقِيفٍ سَرْحٌ إلّا أَغَارَ عَلَيْهِ. وَقَدْ رَجَعَ حِينَ رَجَعَ وَقَدْ سَرّحَ النّاسُ مَوَاشِيَهُمْ، وَأَمِنُوا فِيمَا يَرَوْنَ حَيْثُ انْصَرَفَ عَنْهُمْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فكان لَا يَقْدِرُ عَلَى سَرْحٍ إلّا أَخَذَهُ، وَلَا عَلَى رَجُلٍ إلّا قَتَلَهُ، فَكَانَ قَدْ بَعَثَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخُمُسِ مِمّا يُغِيرُ بِهِ، مَرّةً مِائَةَ بَعِيرٍ وَمَرّةً أَلْفَ شَاةٍ، وَلَقَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحٍ لِأَهْلِ الطّائِفِ فَاسْتَاقَ لَهُمْ أَلْفَ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَبُو مِحْجَنِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ الثّقَفِيّ:
تَهَابُ الأعداء جانبنا ... ثمّ تغزونا بنو سلمه