الحجاب القول في هذا؛ لكونه أمسّ بهم. ومن حقهم دفع أهل البِدَع والأهواء، وكفّ شرهم عن المسلمين. ولا يسعهم في دين اللَّه تعالى الصبر على من يسُب الشيخين أبا بَكر وعمر رضيَ اللَّه عنهما، ويقذف عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها، ويفسد عقائد أهل الدين. بل يجب عليهم الغلظة على هؤلاء بحسب ما تقتضيه المذاهب. وهذه المذاهب الأربعة وللَّه الحمد في العقائد واحدة، إِلَّا من لحق منها بأهل الاعتزال والتجسيم. وإلَّا فجمهورها على الحق؛ يقرون عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقّاها العلماء سلفًا وخلفًا بالقبول، ويدينون اللَّه برأي شيخ السنّة أبي الحسن الأشعريّ الذي لم يعارضه إلَّا مبتدع. ومن مهماتهم النظر في أمر المفسدين من قطّاع الطريق وأهل الفتَن كالعشران (?) وغيرهم، والغلظة والتشديد عليهم. وإن رأى نائب السلطان تقليد بعض المذاهب في شدة تعزيرهم (?) والمبالغة في عقوبتهم على جرائمهم، وطول مكثهم في السجن فله ذلك بشرط أن يكون الحامل له علىِ ذلك المصلحة لا التشهّي وحظ النفس ومحبَّة شِيَاع الاسم بالانتقام؛ فإن ذلك فَنّ من الجنون. فقد كان مُلك الصحابة رضي اللَّه عنهم أوسع، وأمرهم أنفذ، ولم يُحبوا أن يشيع اسمهم إلَّا بالعدل والرفق، لا بالعسف والظلم. ومنها سفك دم من ينتقص جناب سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- أو يسبه؛ فإن ذلك مرتدٌّ كافر، ذهب كثير من العلماء إلى أنَّ توبته لا تقبل. وهو اختيار طوائف من المتأخّرين. فإن كان الذي وقع منه هذا ممَّن يتكرر هذا الحال منه، أو عرف بسوء العقيدة وصحبة المشهورين بذلك، أو وقع منه ما وقع على وجه فظيع تشهد القرائن فيه بالخبث الباطن، فأرى أنَّه لا تقبل له