واندمج في الطين؛ ويكون حينئذٍ خائنًا للَّه تعالى من جهة قتله هذا الحيوان، ولصاحب الجدار من جهة جعله مثل ذلك ضمن جداره. وكثير من الطيّانين لرغبتهم في الأجرة وسرعة العمل يدعوهم داعٍ إلى تبييض جدار، فيرون ذلك الجدار منشقًا آئِلًا إلى السقوط، فلا ينبهون صاحبه؛ بل يُطينونه، رغبةً في الأجرة، ويعمَّى خبرُه على صاحبه، ويكون ذلك سببًا لوقوعه على نفس أو أكثر؛ وذلك من الخيانة في الدين.
معلِّم الكُتّاب: وينبغي أن يكون صحيح العقيدة؛ فلقد نشأ صبيان كثيرون عقيدتهم فاسدة؛ لأنَّ فقيههم كان كذلك. فأوَّل ما يتعيَّن على الآباء الفحص عن عقيدة معلم أبنائهم قبل البحث عن دينه في الفروع، ثم البحث عن دينه في الفروع. ومن حقِّ معلّم الصغار ألَّا يعلمهم شيئًا قبل القرآن، ثم بعده حديث النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يتكلَّم معهم في العقائد؛ بل يدعهم إلى أن يتاهّلوا حقَّ التأهُّل، ثم يأخذهم بعقيدة أهلِ السنَّة والجماعة؛ وإن هو أمسكَ عن هذا الباب فهو الأحوط. وله تمكين الصبيّ المميّز من كتابة القرآن في اللوح وحمله، وحمل المصحف وهو محدث.
الناسخ: ومن حقِّه ألَّا يكتب شيئًا من الكتب المضلَّة؛ ككتب أهل البدع والأهواء؛ وكذلك لا يكتب الكتب التي لا ينفع اللَّه تعالى بها؛ كسيرة عنتر وغيرها من الموضوعات المختلفة التي تضيع الزمان، وليس للدين بها حاجة؛ وكذلك كتب أهل المجون. وما وضعوه في أصناف الجماع، وصفات الخمور وغير ذلك ممَّا يهيج المحرَّمات. فنحن نحذِّر النساخ منها؛ فإنَّ الدنيا تغرّهم. وغالبًا مُستكتِب هذه الأشياء يعطى من الأجرة أكثر ممَّا يعطيه مستكتب كتب العلم. فينبغي للناسخ ألَّا يبيع دينه بدنياه. ومن النسّاخ من لا يتّقي اللَّه تعالى ويكتب عن عجلة، ويحذف من أثناء الكتاب شيئًا؛ رغبة في نجازه إذا كان قد