رغبنا ذلك أيضا في أن نورد في منهاج الكلام في هذا الكتاب أمثلة فقهية فتشمل فائدته وتعم سائر الأصناف جدواء وعائدته.
ولعل الناظر بالعين العوراء نظر الطعن والإزراءِ، ينكر انحرافنا عن العادات في تفهيم العقليات القطعية، بالأمثلة الفقهية الظنية فليكف عن غلوائه في طعنه وإزرائه، وليشهد على نفسه بالجهل بصناعة التمثيل وفائدتها، فإنها لم توضع إلا لتفهيم الأمر الخفي بما هو الأعرف عند المخاطب المسترشد، ليقيس مجهوله إلى ما هو معلوم عنده فيستقر المجهول في نفسه.
فإن كان الخطاب مع نجار لا يحسن إلا النجر وكيفية استعمال آلاته، وجب على مرشده ألا يضرب له المثل إلا من صناعة النجارة، ليكون ذلك أسبق إلى فهمه وأقرب إلى مناسبة عقله وكما لا يحسن إرشاد المتعلم إلا بلغته لا يحسن إيصال المعقول إلى فهمه إلا بأمثلة هي أثبت في معرفته؛ فقد عرفناك غاية هذا الكتاب وغرضه تعريفا مجملا فلنزد له شرحا وإيضاحا لشدة حاجة النظار إلى هذا الكتاب.
لعلك تقول أيها المنخدع بما عندك من العلوم الذهنية المستهتر بما يسوق إليه البراهين العقلية، ما هذا التفخيم والتعظيم وأي حاجة بالعاقل إلى معيار وميزان، فالعقل هو القسطاس المستقيم والمعيار القويم، فلا يحتاج العاقل بعد كمال عقله إلى تسديد وتقويم، فلتتئد ولتتثبت فيما تستخف به من غوائل الطرق العقلية، ولتتحقق قبل كل شيء أن فيك