ولكن ذوات البسائط إذا حصلت في الذهن إما لمعونة الحس أو الخيال أو وجه آخر وجعلتها القوة المفكرة قضية بأن نسبت أحدها إلى الآخر بسلب أو إيجاب، صدق بها الذهن إضطرارا من غير أن يشعر بأنه من أين استفاد هذا التصديق، بل يقدر كأنه كان عالما به على الدوام كقولنا: إن الإثنين أكثر من الواحد، والثلاثة مع الثلاثة ستة، وان الشيء الواحد لا يكون قديما وحديثا معا، وأن السلب والإيجاب معا لا يصدقان في شيء واحد فقط إلى نظائره.

وهذا الجنس من العلوم لا يتوقف الذهن في التصديق به إلا على تصور البسائط، أعني الحدود والذوات المفردة، فمهما تصور الذوات وتفطن للتركيب لم يتوقف في التصديق، وربما يحتاج توقف حتى يتفطن لمعنى الحادث والقديم، ولكن بعد معرفتهما لا يتوقف في الحكم بالتصديق.

الصنف الثاني المحسوسات كقولنا: القمر مستدير والشمس منيرة والكواكب كثيرة والكافور أبيض والفحم أسود والنار حارة والثلج بارد، فإن العقل المجرد إذا لم يقترن بالحواس لم يقض بهذه القضايا، وإنما أدركها بواسطة الحواس، وهذه أوليات حسية. ومن هذا القبيل علمنا بأن لنا فكرا وخوفا وغضبا وشهوة وإدراكا وإحساسا، فإن ذلك انكشف للنفس أيضا بمساعدة قوى باطنة، فكأنه يقع متأخرا عن القضايا التي صدق بها العقل من غير حاجة إلى قوة أخرى سوى العقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015