ويسمى القياس المؤلف منه خطابيا إذ يصلح لللإيراد في التعليمات والمخاطبات، وقد يكون تارة مشبها باليقين أو بالمشهور المقارب لليقين في الظاهر وليس بالحقيقة كذلك، وهو الجهل المحض، ويسمى القياس المؤلف منه مغالطيا وسوفسطائيا إذ لا يقصد بذلك إلا المغالطة والسفسطة، وهو إبطال الحقائق؛ فهذه أربعة مراتب لا بد من تمييز البعض منها عن البعض.

وأما الخامس الذي يسمى قياسا شعريا فليس يدخل في غرضنا فإنه لا يذكرلإفادة علم أو ظن، بل المخاطب قد يعلم حقيقته، وإنما يذكر لترغيب أو تنفير أوتسخية أو تبخيل أو ترهيب أو تشجيع، وله تأثير في النفس، وذلك كنفرة الطبع عن الحلو الأصفر إذا شبه بالعذرة حتى يتعذر في الحال تناولها وإن علم كذب قائله، وعليه تمويل صناعة الشعر، وبه تشبث أكثر المتشدقين من الوعاظ، فإنهم يستعملون في النثر صناعة الشعر، ومثاله أن من يريد أن يحمل غيره على التهور ويصرفه عن الحزم يلقب الحزم بالجبن ويقبحه، ويذم صاحبه فيقول:

يرى الجبناء أن الجبن حزم ... وتلك خديعة النفس اللئيم

فتنبسط نفس المتوقف إلى التهجيم بذلك. وكقوله:

إن لم أمت تحت السيوف مكرما ... أمت وأقاسي الذل غير مكرم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015