ومادة القياس هي العلم الذي لفظ الموضوع والمحمول دالان عليه لا اللفظ بل الموضوع والمحمول هي العلوم الثابتة في النفس دون الألفاظ، ولكن لا يمكن التفهيم إلا باللفظ، والمادة الحقيقية هي التي تنتهي إليه في الدرجة الرابعة بعد ثلاثة قشور: القشر الأول هو الصور المرقومة بالكتابة.

الثاني هو النطق، فإنه الأصوات المرتبة التي هي مدلول الكتابة ودالة على الحديث الذي في النفس.

الثالث: هو حديث النفس الذي هو علم بتريب الحروف ونظم الكلام، إما منطوقا به وإما مكتوبا.

والرابع: وهو اللباب، هو العلم القائم بالنفس الذي حقيقته ترجع إلى انتقاش النفس بمثال مطابق للمعلوم؛ فهذه العلوم هي مواد القياس وعسر تجريدها في النفس دون نظم الألفاظ بحديث النفس لا ينبغي أن يخيل إليك الإتحاد بين العلم والحديث، فإن الكاتب أيضا قد يعسر عليه تصور معنى إلا أن يتمثل له رقوم الكتابة الدالة على الشيء، حتى إذا تفكر في الجدار تصور عنده لفظ الجدار مكتوبا. ولكن لما كان العلم بالجدار غير موقوف على معرفة أصل الكتابة لم يشكل عليه أن هذا مقارن لازم للعلم لا عنه، وكذلك يتصور أن إنسانا يعلم علوما كثيرة وهو لا يعرف اللغات فلا يكون في نفسه حديث نفس، أعني إشتغالا بترتيب الألفاظ، فإذن العلوم الحقيقية التصديقية هي مواد القياس، فإنها إذا احضرت في الذهن على ترتيب مخصوص استعدت النفس لأن يحدث فيها العلم بالنتيجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015