نتيجة علمه وبحثه، وجوبه بلاد العالم، ووقوفه بأقطار كثيرة للدرس والبحث. وتكون النتيجة أن يتقرب الراوى الى الشيخ، مطمئنا اياه الى حسن طويته، وما عليه من خلق يؤهله لان يتشرف بالاستماع الى فيض علمه، ويسأل الراوى الشيخ ان يصف له بلاد الاندلس ثم بلاد المغرب، فى دقة وأمانة واخلاص، فأجابه الشيخ الى طلبه، وبدأ الراوى بالسؤال عن جبل الفتح (جبل طارق) وهكذا.. حتى انتهى من المدن الاندلسية بمدينة «رندة» . ثم أخبر الشيخ سائله بأن الصبح قد قارب الوجود، وأنه قد وفاه- فى الوصف- حسابه، ولم يبق الا أن يكافئه على هذه الذخائر حتى يكون له أليفا ورفيقا، فينثر الراوى المال بين يدى محدثه فيأخذ منه شاكرا، وأخيرا يتفقد الراوى الشيخ على ضوء مصباح، فلا يجد له أثرا، «فكأن الفلك لفه فى مداره، أو خسفت الارض به وبداره» ، فيتأسى الراوى عن هذا الفراق بأن «لكل اجتماع من خليلين فرقة» .

هكذا ينتهى نهج المؤلف فى «المجلس الاول» من كتابه.

أما فى «المجلس الثانى» فان الراوى يلج أحد الاسواق، وفى السوق «أمم تنسل من كل حدب، وتنتدب من كل منتدى ومنتدب» ، فى بيع وشراء، وتحايل للتعايش والكسب، بمختلف الوسائل والاعمال، فهناك «رقاة جنون، بضروب من القول وفنون، وفيهم كهل قد استظل بقيطون» ، قد ادعى العلم بالمغيبات، والتفسير للمشكلات والاحاطة بأسرار الطبيعة، وشفاء العضال من الامراض، وفى مجال العلوم قد برع، ما بين طب ورياضة وتاريخ وجغرافية، وحديث وتفسير، ومنثور ومنظور، ومنطق وبرهان، فهو قد جاب الاقطار فى الدرس والبحث والمعرفة. وهنا يجد الراوى بغيته، فقد ذكره ذلك الرجل بالشيخ الاول، فأراد أن يستكمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015