القانون والأخلاق وبين الفرد والحكومة وظهر الِإنسان في عمله الخلاق كشخصية مستقلة تحاول أن تخلق من خلال القانون الشروط الاجتماعية التي تبرز كرامة الِإنسان ومسؤوليته، وقد ترجم الكثير من الدراسات الأكاديمية في القانون والِإدارة بإيطاليا من النصوص العربية وراجت بأوروبا كلها على يد الأساتذة الذين كانوا يتنقلون حسب العادة من جامعة إلى أخرى، وقد كان لهذا الطابع الخلقي في الشريعة الإِسلامية أثره الأسمى في أوروبا المتوسطية مما رقق الشعور والحاسة القانونية وكان هذا المظهر بدون شك الميزة المثلى في الآثار الِإسلامية التي كيفت نظرية العدالة وتطبيقاتها الفعلية عند الغربيين، من ذلك اعتبار كل من تتجه إليه التهمة بريئاً إلى أن يتحقق العكس وهذا هو مبدأ براءة الأصل الذي جاء به الإِسلام منذ البداية ومعلوم أن (لويس التاسع) أو لويس القديس (1270 م)، ملك فرنسا الذي عاش بفلسطين وخالط علماء الكلام أمثال (طوماس الاكويني)، قد
تأثر مباشرة بالِإسلام في ينابيعه التطبيقية بأرض فلسطين فظهر ذلك في اصلاحاته التشريعية وقد أشار إلى ذلك Joinville في مذكرات (Memoires) كان قد صاحب لويس التاسع إلى مصر (توفي عام 1317 م) (كما ذكر ذلك Charles Klein(في كتابه (لويس القديس ملك بين أقدام الفقراء باريس 1970 ص 60).
وهكذا يمكن القول بأن تأثير الِإسلام في أوروبا قد شمل كل المجالات سواء منها الدبلوماسي (بإحداث قنصليات) أم إقرار مبدأ شخصية القانون وكرامة الأجنبي وضمان حقوقه وأسأليب إعلان الحرب ووسائل تعويض العدو وحماية الأسرى والمرضى والعجزة واستعمال الشارات الضوئية خلال المعارك الليلية وحمام الزاجل في المواصلات وطريقة توزيع الغنائم ومبادئ الفروسية، وقد بلغت هذه التأثيرات الِإنسانية حتى ملوك الجرمان الذين كان لرهبأنهم أوثق الصلات ببلاط فريدريك الثاني
بصقلية.
على أن المغرب بالخصوص كان له بالِإضافة إلى البادرات الخلاقة في العصر الموحدي ابداعات أشار إليها الأستاذ كابي (Caille) في الكتاب الذي