وقد كان للفقه المالكي وخاصة بالمغرب والأندلس تأثير بليغ لا على القانون الكنسي بل على التلمود والفقه اليهودي منذ القرن العاشر بمدينة فاس وهو العصر الذي انتشر فيه المذهب المالكي بالمغرب بعد فترة ساد خلالها الفقه الحنفي والفقه الشافعي وفقه الأوزاعي. ومن أمثلة ذلك أن أبا سعيد بن يوسف الفيومي المعروف بالحاخام سعديا (942 م) الذي يعتبر واضع الفلسفة اليهودية في العصور الوسطى قد صنف ترجمة عربية للعهد القديم واستكمل قانون الميراث اليهودي مستعيناً بالشريعة الِإسلامية.

وهنالك عالم يهودي مغربي هو إسحاق بن يعقوب الكوهن الملقب بالفاسي الذي ولد (عام 404 هـ / 1013 م) في (قلعة بن أحمد) قرب فاس وتوفي بالوسينة بالأندلس عام 497 هـ/ 1103 م - له شرح على التلمود في عشرين مجلداً يعتبر لحد الآن من أهم كتب التشريع التلمودىِ كما له ثلاثمائة وعشرون فتوى محررة كلها بالعربية وهي مقتبسة من الفقه المالكي السائد بالأندلس والمغرب آنذاك وهو الذي أسس بالوسينة قرب غرناطة عام 1089 معهداً للدروس العليا التلمودية والوسينة هذه هي التي آوى إليها في فترة من حياته العلمية الِإمام بن رشد الحفيد الذي جمع بين الفقه المالكي والفلسفة والطب والتف حوله طلبة يهود أندلسيون تلك نظرة مركزة عن هذا الموضوع الذي نعنى به اليوم للتعرف على أهمية مذهب الِإمام مالك إمام دار الهجرة وحامل لواء السنة في المجالات الجديدة التي تواجهنا في اختياراتنا المستقبلية.

أما بخصوص المجالات الأخرى وخاصة منها العلوم التي تتصل من قريب أو بعيد بالفقه والقانون فقد كان للشريعة الِإسلامية أثرها القوي في تكييف التقاليد الأوروبية وبلورة اختياراتها منذ القرن التاسع الميلادي أي بعد مرور مدة قليلة على انتشار الدين الجديد في إسبانيا وجنوب فرنسا وإيطاليا وبعض الجزر المتوسطية وأبرز هذا العطاء الِإسلامي الجديد هو مبادئ الأخلاق الدولية وقد صنف صديقي وزميلي مارسيل بوازار Marcel رضي الله عنهoisard كتاباً في هذا الصدد كان اسمه الأول الِإسلام والخلق الدولي I Islam et la morale Internationale .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015